ذهب؟ فالجواب أن ذلك يختلف باختلاف درجات أهل الجنة ، قال رسول الله صلىاللهعليهوسلم : «جنتان من ذهب آنيتهما وما فيهما وجنتان من فضة آنيتهما وما فيهما» (١). فلعل الذهب للمقربين ، والفضة لأهل اليمين ، ويحتمل أن يكون أهل الجنة لهم أساور من فضة ومن ذهب معا (شَراباً طَهُوراً) أي ليس بنجس كخمر الدنيا. وقيل معناه : أنه لم تعصره الأقدام ، وقيل معناه لا يصير بولا (إِنَّ هذا كانَ لَكُمْ جَزاءً) أي يقال لهم هذا يقوله الله تعالى والملائكة (آثِماً أَوْ كَفُوراً) أو هنا للتنويع ، فالمعنى لا تطع النوعين ، فاعلا للإثم ولا كفورا ، وقيل : هي بمعنى الواو أي جامعا للوصفين لأن هذه هي حالة الكفار ، وروي أن الآية نزلت في أبي جهل ، وقيل : أن الآثم عتبة بن ربيعة ، والكفور الوليد بن المغيرة ، والأحسن أنها على العموم ، لأن لفظها عام ، وإن كان سبب نزولها خاصا (بُكْرَةً وَأَصِيلاً) هذا أمر بذكر الله في كل وقت ، وقيل : إشارة إلى الصلوات الخمس ، فالبكرة صلاة الصبح ، والأصيل الظهر والعصر ، ومن الليل المغرب والعشاء.
(إِنَّ هؤُلاءِ يُحِبُّونَ الْعاجِلَةَ) أي الدنيا والإشارة إلى الكفار واليوم الثقيل يوم القيامة ، ووصفه بالثقل عبارة عن هوله وشدته (وَشَدَدْنا أَسْرَهُمْ) الأسر الخلقة وقيل : المفاصل والأوصال ، وقيل : القوة (بَدَّلْنا أَمْثالَهُمْ تَبْدِيلاً) أي أهلكناهم وأبدلنا منهم غيرهم. وقيل : مسخناهم فبدلنا صورهم وهذا تهديد (إِنَّ هذِهِ تَذْكِرَةٌ) الإشارة إلى الآية أو السورة أو الشريعة بجملتها (فَمَنْ شاءَ) تحضيض وترغيب ثم قيّد مشيئتهم بمشيئة الله (وَالظَّالِمِينَ) منصوب بفعل مضمر تقديره : ويعذب الظالمين.
__________________
(١). الحديث رواه أحمد في الجزء ٤ ص ٤١٦ ، ٤١١. وأوله : «جنات الفردوس أربع : جنتان من ذهب» عن أبي موسى الأشعري.