يكون داخلا فيها ، أو ما يكون خارجا عنها ، والدالّ على الخارجيّ إمّا أن يدلّ على الصفة ، أو على الموصوفيّة بتلك الصفة ، أو على ذلك الشيء مع كونه موصوفا بتلك الصفة ، والدالّ على الصفة إمّا أن يدلّ على صفة حقيقيّة فقط ، أو إضافيّة فقط ، أو سلبيّة فقط ، أو ما يتركّب من هذه الأقسام.
الثالثة : اختلف الناس في أنّه تعالى هل لذاته اسم أم لا؟ قال الأوائل : لا يجوز ذلك ؛ لأنّ الواضع إن كان هو الله تعالى وقصد تعريف نفسه فهو محال ؛ لأنّه عالم بذاته قبل التعريف ، أو تعريف غيره ذاته ، فهو أيضا محال ؛ لأنّ ذاته غير معلومة لأحد كما يجيء. وإن كان الواضع غيره فباطل أيضا ؛ لأنّه لا بدّ أن يكون عارفا به ، وقد بيّنّا استحالته.
واتّفق الكلّ على أنّه لا يجوز أن يكون له اسم دالّ على جزء معناه ؛ لاستحالة التركيب عليه تعالى ، فلا جزء له (١).
وأمّا الأسماء الدالّة على الصفات والإضافات والسلوب فقد منعها قوم ، بناء على أنّه لا يجوز وصفه تعالى بما يوصف به غيره ، وهم الملاحدة (٢) وجهم بن صفوان (٣) ، قالوا : وإلّا لشارك غيره ، فيفتقر إلى مميّز ، فيقع التركيب. وهو خطأ ؛ فإنّ التركيب إنّما يتمّ على تقدير المشاركة والمباينة بالذاتيّات. ويبطل قولهم أيضا : الإجماع والقرآن العزيز ؛ فإنّه تعالى وصف نفسه فيه بكونه قادرا وعالما وغير ذلك. هذا مع أنّا نحن لا نثبت له صفات حقيقيّة نثبت لغيره مثلها حتّى يوجب ذلك الاشتراك ، بل ننفى عنه سائر الصفات كما يجيء بيانه ،
__________________
١ ـ اسم كلّ شيء إمّا أن يدلّ على ماهيّته ، أو على جزء ماهيّته ، أو على الأمر الخارج عن ماهيّته ، أو على ما يتركّب عنها. والخارج إمّا أن يكون صفة حقيقيّة أو إضافيّة أو سلبيّة أو ما يتركّب عنهما. وهل يجوز أن يكون لماهيّة الله اسم أم لا؟ فإن قلنا : ماهيّته معلومة للبشر ، جاز وإلّا فلا. وأمّا الاسم الدالّ على جزء ماهيّة الله تعالى فذلك محال ، لامتناع التركّب في حقيقة ذات الله تعالى. والأسماء الكثيرة وإن أمكن أن تطلق على الله تعالى من الوجوه التي ذكرها الفلاسفة ، إلّا أنّ أصحاب الشرائع لا يجوّزون إطلاق اسم عليه تعالى إلّا بإذن شرعيّ. تلخيص المحصّل : ٣٤٧.
٢ ـ تطلق على الدهريّة ، الذين يقولون بسرمديّة الدهر. ولكن في المقام المراد منهم طائفة من الجهميّة ، القائلون بالتجسيم ، وأنّ لله تعالى يدا ورجلا وغيرهما من الجوارح. وقد يعبّر عنهم بالزنادقة. ولأحمد بن حنبل كتاب «الرّد على الجهميّة والزنادقة» ، ذكر فيه آراءهم والجواب عنها. الملل والنحل : ٢٨.
٣ ـ جهم بن صفوان السمرقنديّ ، أبو محرز ، من موالي بني راسب. رأس الجهميّة ، كان من الجبريّة الخالصة التي لا تثبت للعبد فعلا ولا قدرة على الفعل أصلا ، وزعم أنّ علم الله حادث ، وقال بحدوث كلام الله تعالى. المقالات والفرق : ١٣٢ ، الملل والنحل ١ : ٧٩ ، ميزان الاعتدال ١ : ٤٢٦ ، الأعلام للزركليّ ٢ : ١٤١.