وإنّما أسماؤه بفرض اعتبارات أو سلوب أو هما معا كما سيجيء.
الرابعة : لمّا ثبت أنّه تعالى ذات واحدة وأنّه لا مجال للتكثّر والتعدّد في رداء كبريائه استحال أن يكون له تعالى اسم يدلّ على معنى خارجيّ قديم أو حادث ، خلافا للأشاعرة المثبتين له صفات سبعة قديمة (١) ، والكراميّة (٢) المثبتين له صفات حادثة ، بل أسماؤه إمّا أن تدلّ على الذات فقط من غير اعتبار أمر ، أو مع اعتبار أمر. وذلك الأمر إمّا إضافة ذهنيّة فقط ، أو سلب فقط ، أو إضافة وسلب. فالأقسام حينئذ أربعة :
الأوّل : ما يدلّ على الذات فقط من غير اعتبار ، وهو لفظة «الله» ؛ فإنّه اسم للذات الموصوفة بجميع الكمالات الربّانيّة المنفردة بالوجود الحقيقيّ ، فإنّ كلّ موجود سواه غير مستحقّ للوجود لذاته ، بل إنّما استفاده من الغير. ويقرب من هذا الاسم لفظة «الحقّ» ، إذا اريد به الذات من حيث هي واجبة الوجود ، فإنّ الحقّ يراد به دائم الثبوت ، والواجب ثابت دائم غير قابل للعدم والفناء ، فهو حقّ بل أحقّ من كلّ حقّ.
الثاني : ما يدلّ على الذات مع إضافة ك «القادر» ، فإنّه بالإضافة إلى مقدور تعلّقت به القدرة بالتأثير.
و «العالم» ، فإنّه أيضا اسم للذات باعتبار انكشاف الأشياء لها.
و «الخالق» ، فإنّه اسم للذات باعتبار تقدير الأشياء.
و «البارئ» ، فإنّه اسم للذات باعتبار اختراعها وإيجادها.
و «المصوّر» ، باعتبار أنّه مرتّب صور المخترعات أحسن ترتيب.
و «الكريم» ، فإنّه اسم للذات باعتبار إعطاء السؤالات والعفو عن السيّئات.
و «العليّ» ، هو اسم للذات التي هي فوق سائر الذوات.
__________________
١ ـ قال أبو الحسن الأشعريّ : البارئ تعالى عالم بعلم ، قادر بقدرة ، حيّ بحياة ، مريد بإرادة ، متكلّم بكلام ، سميع بسمع ، بصير ببصر. وقال : هذه الصفات أزليّة قائمة بذاته تعالى. الملل والنحل ١ : ٨٧.
٢ ـ أصحاب أبي عبد الله محمّد بن كرام. وهم يثبتون لله تعالى صفات أزليّة من العلم والقدرة ، ولأجل ذلك يعدّونهم في الصفاتيّة. وهم طوائف بلغ عددهم إلى اثنتي عشرة فرقة. ومن مذهبهم جواز قيام كثير من الحوادث بذات البارئ تعالى ، وأثبتوا لله تعالى صفات حادثة. وقد يطلق عليهم المشبّهة والمجسّمة ؛ لانتهاء قولهم إلى التشبيه والتجسيم. الملل والنحل ١ : ٩٩.