.................................................................................................
______________________________________________________
وثانيا : يمكن أن يراد بالندامة ما يحصل من العمل بمخالفة الواقع لكذب الخبر ، وهذا الأمر غالبي في خبر الفاسق بخلاف خبر العادل فإن الندامة في العمل به أمر اتفاقي ، ولذا لا يكون التعليل المزبور مانعا عن انعقاد المفهوم لو لم تكن الشرطية مسوقة لتحقق الموضوع.
وقد يشكل على الاستدلال بالآية على اعتبار خبر العدل مع قطع النظر عن التعليل الوارد فيها بأنه لا مفهوم لها ؛ لأنّ الحكم الوارد في الجزاء ليس حكما شرعيا ليقال إنّ تعليقه لموضوعه على حصول الشرط وعدم ذكر العدل للشرط مقتضاه انتفاؤه عن موضوعه بانتفاء الشرط ، حيث إن المراد بالتبين هو العلم ، واعتباره ولزوم العمل به عقلي لا يرتبط بشيء ولا يعلق على مجيء الفاسق بالنبإ.
وبتعبير آخر حكم العقل بلزوم اتباع العلم أو تحصيله بالأحكام الكليّة لا يكون معلقا بشيء ليقضي بانتفائه بانتفاء الشرط ، هذا إذا اريد من التبيّن العلم الوجداني ، وأما إذا اريد منه الوثوق ليكون الأمر بتحصيل الوثوق والعمل به طريقيا دالّا على اعتباره فلا يمكن الجمع بين منطوق الآية ومفهومها ، فإن مقتضى المنطوق جواز العمل بخبر الفاسق مع حصول الوثوق بالمخبر به ، ومفهومها جواز العمل بخبر العدل ، حصل الوثوق بالمخبر به أم لا ، والالتزام بالمنطوق والمفهوم كما ذكر إحداث قول ثالث ، فإن القائل بالخبر الموثوق به يلتزم باعتباره سواء كان مخبره عادلا أو فاسقا والقائل باعتبار خبر العدل دون الفاسق يلتزم باعتبار الأول دون الثاني سواء كان موثوقا به أم لا ، فالجمع بين اعتبار خبر العدل مطلقا واعتبار خبر الفاسق الموثوق به يكون قولا ثالثا في المسألة. وفيه ، أنه يمكن أن يكون الإرشاد إلى لزوم تحصيل العلم عند خبر الفاسق للنهي الطريقي عن الاعتماد على خبره فيكون مفهومه عدم