.................................................................................................
______________________________________________________
الآية بحيث لو لم يكن في البين ما دلّ على اعتبار خبر العدل لاستفيد اعتباره من مفهومها ، ومن الظاهر أنه ليس مفهومها كون خبر العدل علما ليخرج خبر العدل عن التعليل ، بل لو كان المستفاد منها عدم وجوب التبين في خبر العادل يستلزم ذلك اعتبار كون خبره علما ، والإشكال في المقام هو أن التعليل الوارد في الآية يمنع عن انعقاد المفهوم بعدم وجوب التبين في غير خبر الفاسق وربما يقال لو كان المراد بالجهالة السفاهة لما أمكن أيضا استفادة اعتبار خبر العدل منها ، حيث إن التعليل فيها غير مقصود بقوله سبحانه (أَنْ تُصِيبُوا قَوْماً بِجَهالَةٍ) بل ذكر فيه (فَتُصْبِحُوا عَلى ما فَعَلْتُمْ نادِمِينَ)(١) ففي الحقيقة إيجاب التبين في خبر الفاسق من جهة أن العمل به بلا تبين تعريض للنفس بالندامة ، وهذا يجرى في خبر العادل أيضا فإنه قد يوجبها العمل به ولكن لا يخفى ما فيه ؛ لأنّ الندامة بالإضافة إلى التكاليف عدم كون المكلّف معذورا في مخالفتها ، والابتلاء بمخالفة الواقع مع كون المكلف معذورا لا يوجب الندامة بخلاف الموارد التي يكون الغرض فيها مجرد الوصول إلى الواقع ، ودعوى أن حمل الندامة على ما ذكر لا يناسب مورد الآية ، حيث لا يمكن الالتزام بأن الندامة في قضية خبر الوليد كان موجبا للعقاب يدفعها ما تقدم من أن التعليل كان بلحاظ فسق المخبر واقعا لا بلحاظ الغفلة عن حاله أو الاعتقاد بصحة إخباره ، وعلى الجملة فمفاد الآية على تقدير كون الجهالة بمعنى السفاهة ، أن الفاسق يكون العمل بخبره بلا تبين تعرضا للندامة ، وهذا إذا لم يكن العمل به مع الاعتقاد بعدم فسقه بخلاف خبر العدل فإنّه ليس العمل به تعريض للنفس بالندامة هذا أولا.
__________________
(١) سورة الحجرات : الآية ٦.