ثالثها : إنه جعل غاية للانذار الواجب ، وغاية الواجب واجب.
ويشكل الوجه الأول ، بأن التحذر لرجاء إدراك الواقع وعدم الوقوع في محذور مخالفته ، من فوت المصلحة أو الوقوع في المفسدة ، حسن ، وليس بواجب فيما لم يكن هناك حجة على التكليف ، ولم يثبت هاهنا عدم الفصل ، غايته عدم القول بالفصل.
والوجه الثاني والثالث بعدم انحصار فائدة الإنذار ب [إيجاب] التحذر تعبدا ، لعدم إطلاق يقتضي وجوبه على الإطلاق ، ضرورة أن الآية مسوقة لبيان وجوب النفر ، لا لبيان غايتية التحذر ، ولعل وجوبه كان مشروطا بما إذا أفاد العلم لو
______________________________________________________
الإنذار ووجوب الحذر أيضا ، حيث إن الأحكام الواردة فيها أحكام متعددة وكونها واردة في بيان واحد منها خلاف أصالة كون المتكلم في بيان كلّ حكم يرد في خطابه ، وكذا دعوى أنّ في الآية قرينة على ما يقتضي اختصاص وجوب الحذر بصورة العلم بصدق الإنذار ، وذلك فإنه لم يؤخذ في ناحية الإنذار إلّا الإخبار بترتب العقاب على الترك والفعل سواء كان الإخبار بالدلالة المطابقيّة أو بغيرها ، وكما أنّ مقتضى إطلاق الآية وجوب الإنذار على المنذرين سواء أفاد العلم بالصدق للسامعين أم لا ، كذلك الحال في ناحية وجوب القبول على المنذرين بالفتح بلا تقييد بصورة علمهم بصدق الإنذار ، ومقتضى هذا الإطلاق اعتبار إنذارهم علما بمعالم الدين وأحكامه ، ولكن هذا في الحقيقة عبارة اخرى عن اعتبار فتوى الفقيه فإن مضمون الآية اعتبار محتوى كلام المنذر ، بما هو منذر وما أجاب به الماتن قدسسره عن ذلك بأنّه لم يكن حال الرواة في الصدر الأول الناقلين عن النبي صلىاللهعليهوآله أو الإمام عليهالسلام إلّا كحال نقلة الفتاوى عن المجتهدين في هذه الأعصار ، وكما يصدق الإنذار على نقل نقلة الفتاوى عن المجتهد إذا كان المنقول حكما إلزاميا يستلزم التخويف على