لم نقل بكونه مشروطا به ، فإن النفر إنما يكون لأجل التفقه وتعلم معالم الدين ، ومعرفة ما جاء به سيد المرسلين صلىاللهعليهوآله ، كي ينذروا بها المتخلفين أو النافرين ، على الوجهين في تفسير الآية ، لكي يحذروا إذا أنذروا بها ، وقضيته إنما هو وجوب الحذر عند إحراز أن الإنذار بها ، كما لا يخفى.
ثم إنه أشكل أيضا ، بأن الآية لو سلم دلالتها على وجوب الحذر مطلقا فلا
______________________________________________________
المخالفة ، كذلك الحال في نقل كلام النبي صلىاللهعليهوآله والمعصوم عليهالسلام في تلك الأعصار.
وعلى الجملة إذا كان النقل مع التخويف معتبرا كان معتبرا بلا تخويف لعدم القول بالفصل وعدم احتمال الفرق بين الخبر المقارن للتخويف وبين غيره.
وعن بعض الأعلام قدسسره أن التفكيك بين نقل الحديث والفتوى وقع في الأزمنة المتأخرة لكثرة الأخبار واختلافها في العبادات وقلتها في المعاملات جدا ، بحيث يحتاج استفادة أحكام المعاملات من تلك الروايات إلى صرف العمر في وجه الاستفادة وكيفيتها منها ، وإذا دلّت الرواية على اعتبار الإنذار في الصدر الأول كان مقتضاها اعتبار خبر العدل والثقة. وفيه أنّ الآية على تقدير الإطلاق لا تدلّ إلّا على اعتبار الفتوى يعنى الإفتاء ، وذلك فإنّ المهم في بحث حجية خبر الواحد هو إثبات أن الكلام الصادر من الراوي علم بكلام المعصوم عليهالسلام بحسب الصدور ، وأما المعنى المستفاد ومحتواه فقول الراوي بما هو راو غير معتبر فيه ، فإنّه يمكن أن يكون المستفاد منه عند المروي إليه خلاف ما استفاد الراوي ، وعلى ذلك فمفاد الآية اعتبار الإنذار بما هو إنذار وقبول إنذاره على المنذر بالفتح ، وهذا في قوة اعتبار محتواه الذي عند الراوي أو حتى إذا لم يكن إنذاره بنقل الرواية.
وبالجملة كون الإنذار في الصدر الأول كان مع نقل كلام المعصوم عليهالسلام لا يوجب كون موضوع الاعتبار نقل كلامه عليهالسلام مع قطع النظر عن الإنذار كما لا يخفى.