وبالجملة القطع فيما كان موضوعا عقلا لا يكاد يتفاوت من حيث القاطع ، ولا من حيث المورد ، ولا من حيث السبب ، لا عقلا ـ وهو واضح ـ ولا شرعا ، لما عرفت من أنه لا تناله يد الجعل نفيا ولا إثباتا ، وإن نسب إلى بعض الأخباريين أنه لا اعتبار بما إذا كان بمقدمات عقلية ، إلّا أن مراجعة كلماتهم لا تساعد على هذه النسبة ، بل تشهد بكذبها ، وأنها إنما تكون إما في مقام منع الملازمة بين حكم العقل بوجوب شيء وحكم الشرع بوجوبه ، كما ينادي به بأعلى صوته ما حكي عن السيد الصدر في باب الملازمة ، فراجع.
______________________________________________________
قلت : قطع أربعا؟ قال : عشرون ، قلت : سبحان الله يقطع ثلاثا فيكون عليه ثلاثون ، ويقطع أربعا فيكون عليه عشرون ، إن هذا كان يبلغنا ونحن بالعراق فنبرأ ممّن قاله ، ونقول الذي جاء به شيطان فقال : مهلا يا أبان هذا حكم رسول الله صلىاللهعليهوآله إن المرأة تعاقل الرجل إلى ثلث الدية ، فإذا بلغت الثلث رجعت إلى النصف ، يا أبان إنّك أخذتني بالقياس والسنة إذا قيست محق الدين» (١).
أقول : اذا فرض ان القطع لا يكون عذرا فيما إذا أخطأ الواقع مع النهي عن تحصيله عن مثل القياس والاستحسانات فلا بد من الالتزام من أنّ العذرية من لوازم الجهل بالواقع وعدم وصول بيانه إلى المكلف ، والنهي عن تحصيل القطع والوصول إلى الأحكام الواقعية من طريق كذا مسقط للجهل عن العذرية لكون هذا النهي يصلح للبيان للتحفظ على الواقع بسلوك غير ذلك الطريق أو السبب ، ولا يبعد استفادة ذلك بالإضافة إلى الامور الاعتقادية من الآيات المباركة الدالّة على التوبيخ في ترك السؤال والنظر إلى المعجزة للنبي صلىاللهعليهوآله واتباع الآباء والأجداد وبالإضافة إلى الأحكام
__________________
(١) وسائل الشيعة : ٢٩ : ٣٥٢ ، الباب ٤٤ من أبواب ديات الأعضاء ، الحديث الأول.