لا يقال : على هذا لا يكون اعتبار خبر الثقة بالسيرة أيضا ، إلّا على وجه دائر ، فإن اعتباره بها فعلا يتوقف على عدم الردع بها عنها ، وهو يتوقف على تخصيصها بها ، وهو يتوقف على عدم الردع بها عنها.
فإنه يقال : إنما يكفي في حجيته بها عدم ثبوت الردع عنها ، لعدم نهوض ما يصلح لردعها ، كما يكفي في تخصيصها لها ذلك ، كما لا يخفى ، ضرورة أن ما جرت عليه السيرة المستمرة في مقام الإطاعة والمعصية ، وفي استحقاق العقوبة بالمخالفة ، وعدم استحقاقها مع الموافقة ، ولو في صورة المخالفة عن الواقع ، يكون عقلا في الشرع متّبعا ما لم ينهض دليل على المنع عن اتباعه في الشرعيات ، فافهم وتأمل.
______________________________________________________
والاصول إحراز اعتبارها إمضاء أو تأسيسا ، وهذا لا يجتمع مع احتمال الردع عن السيرة المشار إليها ، وذكر قدسسره في الهامش أنّه مع ثبوت الردع يستصحب عدمه وبقاء الحجيّة الثابتة لخبر الواحد قبل نزول الآيات ، وفيه ما لا يخفى فإنّه لم يحرز حجية الخبر في الشرعيات قبل نزول الآيات بحيث تكون الآيات ناسخة لها ، بل تكشف عن عدم اعتباره في الشرعيات من أول الأمر مع أنّ الدليل على اعتبار الاستصحاب الروايات التي تعدّ من الخبر الواحد.
كما أنّ ما ذكره قدسسره في الهامش من أنّ المقام داخل في ورود الخاص من قبل ، وورود خطاب العام بعده ، ومع دوران الأمر بين كونه ناسخا أو الخاص المتقدم مخصّصا يحكم بالتخصيص لا يمكن المساعدة عليه ، لما تقدم من أن السيرة العقلائية مع احتمال عدم إمضاء الشارع لها من الأول في الشرعيات لا تعدّ من الخاص المتقدم ، وتأخير خطاب الردع بملاحظة أن إبلاغه يتوقف على دخول الناس بالإسلام ثمّ إعلامهم الأحكام تدريجا لا مانع عنه ، والصحيح في الجواب أن الآيات المشار إليها لا يحتمل كونها رادعة ، فإن السيرة من المتشرّعة أيضا جارية بعد نزولها