هذا مع أن مجال المنع عن ثبوت التكليف بالرجوع إلى السنة ـ بذاك المعنى ـ فيما لم يعلم بالصدور ولا بالاعتبار بالخصوص واسع.
وأما الإيراد عليه : برجوعه إما إلى دليل الانسداد لو كان ملاكه دعوى العلم الإجمالي بتكاليف واقعية ، وإما إلى الدليل الأول ، لو كان ملاكه دعوى العلم بصدور أخبار كثيرة بين ما بأيدينا من الأخبار.
ففيه : إن ملاكه إنما هو دعوى العلم بالتكليف ، بالرجوع إلى الروايات في الجملة إلى يوم القيامة ، فراجع تمام كلامه تعرف حقيقة مرامه.
______________________________________________________
فمرجع ذلك إلى بعض مقدمات الانسداد ، وأورد عليه الماتن بأن مراده دعوى أن ما هو المعلوم لنا من التكليف هو العمل بالروايات إلى يوم القيامة في الجملة حتى مع الغمض عن العلم بثبوت التكاليف الواقعية في الوقائع فراجع تمام كلامه تعرف حقيقة مرامه.
أقول : ما ذكر الشيخ قدسسره من الإيراد متين ، فإن المأمور به في حديث الثقلين ونحوه مما لا يبعد تواتره هو الأخذ بأقوال الأئمة الهداة وصولا إلى التكاليف الشرعية وأحكام الوقائع المقررة من الشارع ومن الظاهر أن الأمر باتباع أقوالهم لا يقتضي وجوب العمل بالخبر عن أقوالهم إذا لم يحرز أن الخبر مصادف لقولهم وجدانا أو اعتبارا ؛ ولذا لا يدلّ حديث الثقلين على اعتبار الخبر الواحد ولا أظن أن يتمسك أحد في اعتبار خبر العدل والثقة بمثل الحديث فلا بد في الأخبار المأثورة عنهم في جهة وجوب العمل بها من موجب ، وذلك الموجب إما العلم الإجمالي بمطابقة معظم الأخبار المأثورة لأقوالهم في بيان الأحكام الواقعية فهذا يرجع إلى الوجه الأوّل ، أو أن الموجب ثبوت التكاليف الشرعية في الوقائع وأنّ المكلفين مع عدم علمهم بها تفصيلا سواء كان العلم وجدانيا أو اعتباريا لا يكون مطلق العنان وهذا الموجب بعض ما ذكر في مقدمات الانسداد وليس أمرا آخر.