الثالث : ما عن السيد الطباطبائي قدسسره من أنه لا ريب في وجود واجبات ومحرمات كثيرة بين المشتبهات [١].
ومقتضى ذلك وجوب الاحتياط بالإتيان بكل ما يحتمل الوجوب ولو موهوما ، وترك ما يحتمل الحرمة كذلك ، ولكن مقتضى قاعدة نفي الحرج عدم وجوب ذلك كله ، لأنه عسر أكيد وحرج شديد ، فمقتضى الجمع بين قاعدتي الاحتياط وانتفاء الحرج العمل بالاحتياط في المظنونات دون المشكوكات والموهومات ، لأن الجمع على غير هذا الوجه بإخراج بعض المظنونات وإدخال بعض المشكوكات والموهومات باطل إجماعا.
ولا يخفى ما فيه من القدح والفساد ، فإنه بعض مقدمات دليل الانسداد ، ولا
______________________________________________________
[١] ومما ذكرنا في الوجه السابق يظهر الحال في هذا الوجه الثالث الذي ذكره السيد الطباطبائي قدسسره على اعتبار الظن في الوقائع حيث نفى الريب عن ثبوت التكاليف في الوقائع المشتبهة حكمها عندنا بالعلم الإجمالي بها ، ومقتضى العلم الإجمالي الأخذ بالاحتياط فيها ولكن الاحتياط كذلك موجب للعسر والحرج الأكيد ، والجمع بين قاعدة نفي الحرج ومقتضى العلم الإجمالي هو الأخذ بجانب احتمال التكليف في الوقائع المظنونة بثبوتها فيها ، وترك رعايته في موهوماته ومشكوكاته ؛ لأنّ الجمع بغير هذا النحو برعاية جانب التكليف في بعض مظنونات التكاليف وبعض المشكوكات أو الموهومات وترك رعايته في البعض الآخر من المظنونات والمشكوكات والموهومات باطل إجماعا ، ووجه الظهور ما ذكرنا من أن هذا بعض مقدمات الانسداد ولا يتم إلّا بضم سائرها ، وإلّا فلقائل أن يقول بلزوم الأخذ بامتثال العلم والعلمي في مواردهما ، والأخذ بمقتضى الاصول العملية في غيرهما بحيث لا تصل النوبة إلى الاحتياط أصلا ولا يلزم حرج في امتثال التكاليف أصلا.