وأما فيما لا يوجب ، فمحل نظر بل منع ، لعدم حكومة قاعدة نفي العسر والحرج على قاعدة الاحتياط ، وذلك لما حققناه في معنى ما دل على نفي الضرر والعسر ، من أن التوفيق بين دليلهما ودليل التكليف أو الوضع المتعلقين بما يعمهما ، هو نفيهما عنهما بلسان نفيهما ، فلا يكون له حكومة على الاحتياط العسر إذا كان بحكم العقل ، لعدم العسر في متعلق التكليف ، وإنما هو في الجمع بين محتملاته احتياطا.
______________________________________________________
فرق بين المسلكين ، نعم تظهر الثمرة على المسلكين فيما إذا كانت أطراف الشبهة دفعية ، بأن يمكن الإتيان بكل من الأطراف قبل الآخر ، كما إذا علم بنجاسة بعض المائعات التي يكون الاجتناب عن جميعها حرجيا.
أقول : ما ذكر في الأطراف الشبهة إذا كان تدريجيّة وإن كان صحيحا ، إلّا أن لازمه الأخذ بالاحتياط في الوقائع التي يبتلى بها إلى أن يلزم منه العسر والحرج سواء كان من مظنونات التكليف أو من غيرها ، بل قد يقال : لا توجب إلّا لتعيّن هذا النحو من الاحتياط في الوقائع بلا فرق بين القول بأن المرفوع بقاعدتي نفي الحرج والضرر التكليف أو الفعل المنطبق عليه عنوان الحرج والضرر ، ولا يخفى بناء على رفع الحكم الحرجي حيث إن امتثال جميع التكاليف في المظنونات والمشكوكات والموهومات حرجي ، والأمر يدور بين رفع اليد عن رعاية احتمال التكليف في المظنونات أو في الموضوعات والمشكوكات يكون رفع اليد عنه في الثاني أولى كما هو مفاد المقدمة الخامسة ، بل يتعيّن في تصحيح ما ذكروه من الأخذ بالاحتياط في مظنونات التكليف وجواز تركه في المشكوكات والموهومات من التشبّث بما ذكرنا سابقا من دعوى انحلال العلم الإجمالي بالعلم الإجمالي الآخر ، بأن أكثر الموارد من المظنونات ثبوت التكاليف فيها واقعا معلوم إجمالا بحيث يحتمل مع الأخذ