العلم الإجمالي بنصب طرق وافية يوجب انحلال العلم بالتكاليف الواقعية إلى العلم بما هو مضامين الطرق المنصوبة من التكاليف الفعلية ، والانحلال وإن كان يوجب عدم تنجز ما لم يؤد إليه الطريق من التكاليف الواقعية ، إلّا أنه إذا كان رعاية العلم بالنصب لازما ، والفرض عدم اللزوم ، بل عدم الجواز.
وعليه يكون التكاليف الواقعية ، كما إذا لم يكن هناك علم بالنصب في كفاية الظن بها حال انسداد باب العلم ، كما لا يخفى ، ولا بد حينئذ من عناية أخرى في لزوم رعاية الواقعيات بنحو من الإطاعة ، وعدم إهمالها رأسا كما أشرنا إليه ، ولا شبهة في أن الظن بالواقع لو لم يكن أولى حينئذ لكونه أقرب في التوسل به إلى ما به الاهتمام من فعل الواجب وترك الحرام ، من الظن بالطريق ، فلا أقل من كونه مساويا فيما يهم العقل من تحصيل الأمن من العقوبة في كل حال ، هذا مع ما عرفت من أنه عادة يلازم الظن بأنه مؤدى طريق ، وهو بلا شبهة يكفي ، ولو لم يكن هناك ظن بالطريق ، فافهم فإنه دقيق.
ثانيهما : ما اختص به بعض المحققين ، قال :
(لا ريب في كوننا مكلفين بالأحكام الشرعية ، ولم يسقط عنا التكليف بالأحكام الشرعية ، وأن الواجب علينا أولا هو تحصيل العلم بتفريغ الذمة في حكم
______________________________________________________
بأن كثيرا من الظنون فيها موافقة لما في الواقع فيها من التكاليف ، وهذا العلم الإجمالي يوجب الأخذ بجانب الظن بالتكليف فيها وإذا احتمل انحصار التكاليف الواقعية على موارد الظنون التي يحصّلها المجتهد فلا بأس بالرجوع إلى الأصل النافي في غيرها ما لم يكن في المسألة علم إجمالي خاص بها كما تقدم ، وهذا ليس مما قالوا من دوران الأمر بين الإطاعة الظنية والطاعة الاحتمالية والوهمية ، وبيان ذلك أن الصور الملحوظة في الدوران أربع.