.................................................................................................
______________________________________________________
عن الامم السابقة بعدم استحقاقهم العذاب الدنيوي قبل البيان لا يلازم عدم الاستحقاق بالإضافة إلى العقاب الاخروي الذي هو مورد الكلام في المقام.
واجيب عن هذا الإيراد بأن العذاب الدنيوي أخف وأهون بالإضافة إلى العقاب الاخروي ، وإذا لم يكن العبد مستحقا لعذاب دنيوى مع عدم بيان التكليف وإيصاله إليه فلا يستحق العذاب الاخروي بالأولوية ، وقال : الوجه في دلالة الآية على نفي الاستحقاق بأن التعبير بجملة ما كان وما كنا وأمثالهما يدلّ بمقتضى الفهم العرفي على أن الفعل لا يليق بالمخبر ولا يناسب صدوره عنه ، ويظهر ذلك باستقراء موارد استعمالاتها كقوله سبحانه : (ما كانَ اللهُ لِيُضِلَّ قَوْماً بَعْدَ إِذْ هَداهُمْ)(١) و (ما كانَ اللهُ لِيَذَرَ الْمُؤْمِنِينَ)(٢) و (وَما كانَ اللهُ لِيُعَذِّبَهُمْ وَأَنْتَ فِيهِمْ)(٣) و (ما كُنْتُ مُتَّخِذَ الْمُضِلِّينَ عَضُداً)(٤) إلى غير ذلك ، فالفعل الماضي في مثل هذه الموارد منسلخ عن الزمان ، فالمراد أن التعذيب قبل البيان لا يليق بالله سبحانه ولا يناسب حكمته وعدله ، فلا يبقى فرق في عدم الاستحقاق بين العذاب الدنيوي والاخروي حيث إنه لا موجب لعدم لياقة الفعل لله سبحانه مع عدم وصول التكليف إلى العباد إلّا كون العقاب بلا مصحح.
أقول : عدم مناسبة الفعل للفاعل في بعض موارد استعمال الجملة مستفاد من قرينة خارجية وإلّا فمعناها عدم وقوع الفعل فلاحظ موارد استعمالاتها ، نظير قوله
__________________
(١) سورة التوبة : الآية ١١٥.
(٢) سورة آل عمران : الآية ١٧٩.
(٣) سورة الأنفال : الآية ٣٣.
(٤) سورة الكهف : الآية ٥١.