مناطات الأحكام ، وقد استقل العقل بحسن الأفعال التي تكون ذات المصالح وقبح ما كان ذات المفاسد ، ليست براجعة إلى المنافع والمضار ، وكثيرا ما يكون محتمل التكليف مأمون الضرر ، نعم ربما تكون المنفعة أو المضرة مناطا للحكم شرعا وعقلا.
______________________________________________________
الترخيص ، وإلّا فلو قيل باعتبار الاستصحاب من باب الظن فلا يفيد في نفي احتمال العقاب ؛ لأنّ الاستصحاب في عدم التكليف يثبت الترخيص ، والاستصحاب في عدم الترخيص الشرعي يثبت المنع فيتعارضان ، فإن مفاد حديث : «رفع القلم عن الصبي» عدم ثبوت التكليف عليه في مورد ثبوته للبالغين ، لا ثبوت الترخيص الشرعي في حقه ، وإلّا لم يكن في البين حاجة إلى إثباته بالاستصحاب في عدم التكليف.
وقد يورد على الوجه الثاني : بأنه لا يجري الاستصحاب إلّا فيما كان الأثر المهم مترتبا على الواقع ، وأما إذا كان مترتبا على الجهل به كما في حرمة التشريع والفتوى بغير علم فلا مورد له ؛ لأنه بمجرد الشك يحرز موضوع الحرمة فلا معنى للتعبد بعدم الواقع بالأصل ، والأثر المرغوب في المقام وهو نفي استحقاق العقاب على مخالفة التكليف الواقعي يترتب على الجهل به.
وفيه أن نفي الاستحقاق لما يترتب على الجهل بالتكليف الواقعي بعد الفحص وعدم الظفر بالدليل عليه كذلك يترتب على بيان عدم التكليف الواقعي ، فإن قبح العقاب كما يترتب على عدم البيان للتكليف الواقعي كذلك يترتب على بيان عدمه على ما تقدم من أن العقاب بعد بيان العدم من خلف الوعد وهو قبيح من المولى الحكيم ، ولا بأس للشارع أن يبدل الحكم الثابت لموضوع بالحكم الثابت مثله لموضوع آخر ، كما في جريان الاستصحاب في طهارة الماء مع كون طهارته مفاد القاعدة.