ولا يصغى إلى ما قيل : من أن إيجاب الاحتياط إن كان مقدمة للتحرز عن عقاب الواقع المجهول فهو قبيح ، وإن كان نفسيا فالعقاب على مخالفته لا على مخالفة الواقع ، وذلك لما عرفت من أن إيجابه يكون طريقيا ، وهو عقلا مما يصح أن يحتج به على المؤاخذة في مخالفة الشبهة ، كما هو الحال في أوامر الطرق والأمارات والأصول العملية.
إلّا أنها تعارض بما هو أخص وأظهر ، ضرورة أن ما دل على حليّة المشتبه أخص ، بل هو في الدلالة على الحليّة نص ، وما دل على الاحتياط غايته أنه ظاهر في وجوب الاحتياط ، مع أن هناك قرائن دالة على أنه للإرشاد [١] فيختلف إيجابا واستحبابا حسب اختلاف ما يرشد إليه.
______________________________________________________
الإيجاب في كل شبهة ومنها الشبهة التحريمية فيرفع اليد عنه بالخاص الوارد في الشبهة التحريمية.
[١] ذكر قدسسره بعد بيان أنه لا بد من رفع اليد عن الأمر الطريقي الإيجابي بالاحتياط في المشتبهات في الشبهة الحكمية التحريمية بأخبار الحل ، حمل الأمر به الوارد في الأخبار على الإرشاد إلى حكم العقل ، بدعوى أن فيها قرائن على الإرشاد وايّد الحمل المزبور بأنه لو كان الأمر به وجوبا طريقيا لزم تخصيص إيجاب الاحتياط الوارد ببعض الموارد لا محالة ، مع أن الاحتياط في الدين والمشتبهات آب عن التخصيص ، ولعل مراده قدسسره أن الإيجاب المولوي الطريقي لا يمكن في أطراف العلم الإجمالي بالتكليف في الشبهة الموضوعية والحكمية لتنجز التكليف في أطرافه مع قطع النظر عن الأمر الطريقي بالاحتياط ، وكذا في المشتبهات بالشبهة الحكمية قبل الفحص ، لأن أخبار وجوب التعلم بل وغيرها توجب تنجز التكاليف التي يصل إليها المكلف بالفحص في غير ذلك ما يستفاد منه البراءة من حديث الرفع وغيره مما