هذا إذا لم يكن هناك أصل موضوعي آخر مثبت لقبوله التذكية ، كما إذا شك ـ مثلا ـ في أن الجلل في الحيوان هل يوجب ارتفاع قابليته لها ، أم لا؟ فأصالة قبوله لها معه محكمة ، ومعها لا مجال لأصالة عدم تحققها ، فهو قبل الجلل كان يطهر ويحل بالفري بسائر شرائطها ، فالأصل أنه كذلك بعده.
ومما ذكرنا ظهر الحال فيما اشتبهت حليته وحرمته بالشبهة الموضوعية من الحيوان ، وأن أصالة عدم التذكية محكمة فيما شك فيها لأجل الشك في تحقق ما اعتبر في التذكية شرعا ، كما أن أصالة قبول التذكية محكمة إذا شك في طروء ما يمنع عنه ، فيحكم بها فيما أحرز الفري بسائر شرائطها عداه ، كما لا يخفى ، فتأمل جيدا.
______________________________________________________
أقول : قد ذكرنا في بحث الفقه أنه لا بد من رفع اليد عن هذه القاعدة في الحيوان الذي تكون تذكيته بالذبح أو النحر ، فمع جريان الاستصحاب في عدم تذكيته يحكم بنجاسته وتفصيل الكلام في بحث نجاسة الميتة.
وربما يقال : إن الموضوع للنجاسة كحرمة الأكل وعدم جواز الصلاة هو غير المذكى لا عنوان الميتة ، ويستظهر ذلك من رواية قاسم الصيقل حيث ورد فيها «فإن كان ما تعمل وحشيا ذكيا فلا بأس» (١) والمراد بنفي البأس الطهارة ، والمفهوم أنه إن لم يكن ما تعمل ذكيا فما تعمل نجس وعليه فالاستصحاب في عدم التذكية يثبت أنه نجس.
وفيه أنّه مع الغمض عن ضعفها سندا لا دلالة لها على أن الموضوع للنجاسة عدم كون الحيوان مذكى ، فإن القضية الشرطية فيها مفروضة في كلام السائل ونفي البأس
__________________
(١) وسائل الشيعة ٣ : ٤٨٩ ، الباب ٤٩ من أبواب النجاسات ، الحديث الأول.