في المصاديق المشتبهة محكمة.
فانقدح بذلك أن مجرد العلم بتحريم شيء لا يوجب لزوم الاجتناب عن أفراده المشتبهة ، فيما كان المطلوب بالنهي طلب ترك كل فرد على حدة ، أو كان الشيء مسبوقا بالترك ، وإلّا لوجب الاجتناب عنها عقلا لتحصيل الفراغ قطعا ، فكما يجب فيما علم وجوب شيء إحراز إتيانه إطاعة لأمره ، فكذلك يجب فيما علم حرمته إحراز تركه وعدم إتيانه امتثالا لنهيه.
______________________________________________________
مع ترك المشكوك غير معلوم فتجري أصالة البراءة في ناحية تعلقه بها بدون الإتيان بالمشكوك ، والمقام عكس ما ذكر في الواجب الارتباطي المردد أمره بين الأقل والأكثر ؛ لأنّ ترك الأقل في الواجب الارتباطي يوجب العلم بمخالفة التكليف الوجوبي ، بخلاف ترك الجزء المشكوك جزئيته مع الاتيان بالباقي بخلاف المقام ، فإن الإتيان بالأفراد المحرزة مع المشكوك يوجب العلم بمخالفة النهي ، بخلاف الإتيان بها مع ترك المشكوك.
أقول : هذا إذا لم يكن في البين أصل موضوعي يثبت عدم كون المشكوك من أفراد الطبيعي ، وإلّا يحرز عدم كونه داخلا في تعلق النهي.
والنحو الآخر : أن يتعلق النهي عن جميع أفراد الشيء لحصول الأمر البسيط المطلوب من ترك الجميع ، كما إذا قيل بأن المطلوب وقوع الصلاة في غير ما لا يؤكل لا اعتبار المانعية لكل ما يدخل في الأجزاء أو توابع ما لا يؤكل لتجري أصالة البراءة عن مانعية المشكوك ، نعم لو كان المصلي بدأ صلاته في غير ما لا يؤكل لحمه يقينا ثم لبس في الأثناء ما يشك كونه مما لا يؤكل فيمكن القول بجوازه بالاستصحاب في بقاء وقوع صلاته في غير ما لا يؤكل ، بل لا يبعد جريان الاستصحاب فيما لم يكن مع المكلف ما لا يؤكل قبل الصلاة ، ثم لبس عند الدخول بها ما يشك في كونه مما