الرابع : إنه قد عرفت حسن الاحتياط عقلا ونقلا ، ولا يخفى أنه مطلقا كذلك حتى فيما كان هناك حجة على عدم الوجوب أو الحرمة [١]. أو أمارة معتبرة على أنه ليس فردا للواجب أو الحرام ، ما لم يخل بالنظام فعلا ، فالاحتياط قبل ذلك مطلقا يقع حسنا ، كان في الأمور المهمة كالدماء والفروج أو غيرها ، وكان احتمال التكليف قويا أو ضعيفا ، كانت الحجة على خلافه أو لا ، كما أن الاحتياط الموجب لذلك لا يكون حسنا كذلك ، وإن كان الراجح لمن التفت إلى ذلك من أول الأمر ترجيح بعض الاحتياطات احتمالا أو محتملا ، فافهم.
______________________________________________________
أكله في الذيل باعتبار عدم المانع معه ، لا أن كونها فيما يؤكل لحمه شرط لها.
[١] لا ينبغي التأمل في أن حسن الاحتياط لا ينحصر على موارد جريان أصالة البراءة أو غيرها من الأصل النافي للتكليف ، بل يجري حتى فيما قامت الأمارة المعتبرة على نفي التكليف في الواقع ، فإنّه مع احتمال التكليف الواقعي يحسن عقلا بل شرعا رعاية احتماله بموافقة ذلك التكليف على تقديره واستيفاء ملاكه ، ويقال : إن حسن الاحتياط مقيّد بما إذا لم يكن موجبا لاختلال النظام ، ولكن لا يخفى أن عدم حسن الاحتياط مع استلزامه اختلال النظام لعدم تحققه لا عدم حسنه مع تحققه ، فإن الاحتياط هو الاتيان بما يحتمل كونه محبوبا وموافقته للتكليف الواقعي على تقديره ، ومع بلوغه إلى حد الاختلال يكون العمل مبغوضا من غير أن يكون احتياطا ، والملتفت إلى كون الاحتياط في جميع الوقائع كذلك له طريقان.
الأول : أن يأخذ بالاحتياط في جميع ما يبتلى به بلا فرق بين كون التكليف المحتمل في بعضها غير أهم أو احتماله ضعيفا إلى أن يصل إلى حد الاختلال ، ويتركه بعد ذلك فيكون الاحتياط في جميع الوقائع ولكن في فترة من الزمان.
الثاني : اختيار بعض الوقائع من الأول والاحتياط في مثلها مما كان التكليف