وأما الزائد عليه لو كان فلا تبعة على مخالفته من جهته ، فإن العقوبة عليه بلا بيان. وذلك ضرورة أن حكم العقل بالبراءة ـ على مذهب الأشعري ـ لا يجدي من ذهب إلى ما عليه المشهور من العدلية ، بل من ذهب إلى ما عليه غير المشهور ، لاحتمال أن يكون الداعي إلى الأمر ومصلحته ـ على هذا المذهب أيضا ـ هو ما في الواجبات من المصلحة وكونها ألطافا ، فافهم.
وحصول اللطف والمصلحة في العبادة ، وإن كان يتوقف على الإتيان بها على وجه الامتثال ، إلّا أنه لا مجال لاحتمال اعتبار معرفة الأجزاء وإتيانها على وجهها ، كيف؟ ولا إشكال في إمكان الاحتياط هاهنا كما في المتباينين ، ولا يكاد يمكن مع اعتباره. هذا مع وضوح بطلان احتمال اعتبار قصد الوجه كذلك ، والمراد بالوجه في كلام من صرح بوجوب إيقاع الواجب على وجهه ووجوب اقترانه به ، هو وجه
______________________________________________________
علة له.
ثم ذكر أن الصحيح في الجواب عن الوجه العقلي المزبور ما حاصله أن الغرض المترتب على الفعل إذا كان معلوما بعنوان الخاص بلا فرق بين كون الغرض الأقصى وكون الفعل علة تامة له وبين كونه أدنى ، فاللازم على المكلف إحراز حصوله ، وأما إذا لم يكن بعنوانه الخاص معلوما واحرز وجوده بالبرهان ونحوه من غير أن يعرف المكلف عنوانه الخاص فلا حكم للعقل بلزوم خروج المكلف عن عهدته ، بل اللازم عنده الخروج عن عهدة التكليف المتعلق بالفعل مع إحرازه ، فإن عدم حصول هذا الغرض مع عدم علم المكلف بعنوان الخاص غير مربوط بالمكلف ، فالمسئول هو المولى حيث يكون عليه أن يوصله بعنوانه إلى المكلف بحيث يكون عليه رعايته.
وتوضيح ذلك أنه لا ينبغي التأمل في أن تدارك غرض المولى ليس واجبا مولويا آخر غير إيجاب الفعل الذي يعلم المكلف بوجوبه نفسيا ليكون المكلف