اللهمّ إلّا أن يقال : إن الدليل على تنزيل المؤدّى منزلة الواقع ـ الذي صار مؤدّى لها ـ هو دليل الحجية بدلالة الاقتضاء ، لكنه لا يكاد يتم إلّا إذا لم يكن للأحكام بمرتبتها الإنشائية أثر أصلا ، وإلّا لم تكن لتلك الدلالة مجال ، كما لا يخفى.
واخرى بأنه كيف يكون التوفيق بذلك؟ مع احتمال أحكام فعلية بعثيّة أو زجريّة في موارد الطرق والاصول العملية [١].
______________________________________________________
مرتبتها الإنشائية أثر كاستحقاق المثوبة على الموافقة.
أقول : إذا فرض أن الحكم الواقعي إنشائي ولا يكون فعليا إلّا مع الأمارة الوجدانية يعني العلم به يكون تنزيل مؤدى الأمارة الظنية منزلة الواقعي كافيا في وصوله مرتبة التنجّز على تقدير المصادفة وذلك لما تقدم في بحث قيام الأمارات بدليل اعتبارها مقام القطع الموضوعي الطريقي من أن تنزيل الشيء منزلة جزء الموضوع أو قيده صحيح فيما إذا حصل الجزء الآخر أو المقيد بنفس ذلك التنزيل والأمر في المقام كذلك ، فإنّه بتنزيل المؤدى منزلة الواقع يحصل العلم بالواقع ولو كان الواقع تنزيليا ، إلّا أن العلم به وجداني والمفروض أن العلم بالواقع موضوع لفعلية ذلك الواقع فالفعلية والتنجز يحصلان معا وإن كان التنجز متأخرا عن الاولى مرتبة.
[١] ومراده مما ذكر الإشكال فيما ذكر الشيخ قدسسره من أن الأحكام في موارد الطرق والأمارات والاصول العملية إنشائية ، ووجه الإشكال أن اعتبار الأمارة ومفاد الاصول هو عند الجهل بالواقع ، واحتمال التكليف الفعلي في مواردها ؛ وإلّا فمع إنشائية الحكم لا يكون موضوع لاعتبارهما.
أقول : لم يؤخذ في موضوع اعتبار الأمارة عقلا إلّا عدم العلم الوجداني من المكلف بالحكم الواقعي ؛ لأنّ التعبد مع العلم بالواقع لا معنى له ، وأما مفاد الاصول فسيأتي التعرض لها في ذيل الوجه الآتي في الجمع بين الحكم الواقعي والظاهري.