.................................................................................................
______________________________________________________
بمسلك الطريقية أو السببية ، فإنّ الدليل على جواز القراءة بكل قراءة كما يقتضي التخيير بين القراءات عند اختلافها كذلك الدليل على جواز الاستدلال بكل منهما ، ولا يضر بذلك كون الأصل في المتعارضين التساقط على الطريقية ، والتخيير على مسلك السببية ، وإن كان المراد صورة عدم قيام الدليل على جواز الاستدلال بكل قراءة فالمناسب أن يقول : فلا بد في صورة اختلاف القراءات الرجوع إلى الأصل أو العموم والإطلاق حسب اختلاف المقامات من غير حاجة إلى إضافته.
قد يقال : إنّ الاختلاف في القراءة في آية (فَاعْتَزِلُوا النِّساءَ فِي الْمَحِيضِ وَلا تَقْرَبُوهُنَّ حَتَّى يَطْهُرْنَ)(١) أو يتطهّرن لا يضر بالاستدلال بها ، فإنّ اختلاف القراءة أو اشتباه الحجة باللّاحجة فيها يرتفع في مقام الاستدلال بما ورد فيها (فَإِذا تَطَهَّرْنَ فَأْتُوهُنَّ مِنْ حَيْثُ أَمَرَكُمُ اللهُ)(٢) فإنّ قوله سبحانه (فَإِذا تَطَهَّرْنَ) يعيّن الغاية في الأمر باعتزالهن وعدم جواز الدخول بهن.
ولكن لا يخفى أنّ هذا وهم ، فإنّ قوله سبحانه (فَإِذا تَطَهَّرْنَ) تفريع على الغاية فإن كانت الغاية (حَتَّى يَطْهُرْنَ) الظاهر في حصول النقاء يكون التفريع للتصريح ببعض المفهوم ، وإن كان يتطهّرن يكون التفريع بيان تمام مفهوم الغاية ، وعلى الجملة التفريع لا يرفع الاشتباه والترديد في الغاية ، نعم لو كان قوله سبحانه (فَإِذا تَطَهَّرْنَ) بلا تفريع كان ذلك موجبا لارتفاعهما.
__________________
(١ و ٢) سورة البقرة : الآية ٢٢٢.