عيني ابن آدم من شحمتين فجعل فيهما الملوحة ، ولولا ذلك لذابتا ، فالملوحة تلفظ ما يقع في العين من القذى ، وجعل المرارة في الاُذنين حجاباً من الدماغ ، فليس من دابّة تقع فيه إلاّ التمست الخروج ، ولولا ذلك وصلت إلى الدماغ ، وجعلت العذوبة في الشفتين منّاً من الله عزوجل على ابن آدم فيجد بذلك عذوبة الريق وطعم الطعام والشّراب ، وجعل البرودة في المنخرين؛ لئلاّ تدع في الرأس شيئاً إلاّ أخرجته».
قلت : فما الكلمة التي أوّلها كفر وآخرها إيمان؟
قال : «قول الرجل : لا إله إلاّ الله ، فأوّلها كفر ، وآخرها إيمان» ، ثمّ قال : «يا نعمان ، إيّاك والقياس ، فقد حدّثني أبي ، عن آبائه ، عن رسول الله صلىاللهعليهوآله أنّه قال : من قاس شيئاً بشيء قرنه الله عزوجل مع إبليس في النّار؛ فإنّه أوّل من قاس على ربّه ، فدع الرأي والقياس فإنّ الدين لم يوضع بالقياس ولا بالرأي» (١) .
ـ ٨٢ ـ
باب العلّة التي من أجلها صار النّاس
يعقلون ولا يعلمون (٢)
[ ١٥٦ / ١ ] حدّثنا أبي رضياللهعنه ، قال : حدّثنا محمّد بن يحيى العطّار ، عن
__________________
(١) أورده الطبرسي في الاحتجاج ٢ : ٢٦٦ / ٣٣٦ مرسلاً ، ونقله المجلسي عن العلل في بحار الأنوار ٢ : ٢٩٥ / ١٤ ، و٦١ : ٣١٢ / ١٨.
(٢) ورد في حاشية «ج ، ل» : يمكن أن يكون المراد بالعقل عقل المعاش ، وبالعلم علم المعادوما يتعلّق به ، وأن يكون المراد بالعلم الكامل الحقيقي اللازم للعمل كما وردت به الأخبار. ويمكن أن يكون يعملون بتقديم الميم فصحّف ، والله يعلم. (م ق ر رحمهالله ).