«تعالى الله عن ذلك علوّاً كبيراً».
قلت : فما معنى قول موسى عليهالسلام لرسول الله : «ارجع إلى ربّك»؟
فقال : «معناه (١) : معنى قول إبراهيم عليهالسلام : ( إِنِّي ذَاهِبٌ إِلَىٰ رَبِّي سَيَهْدِينِ ) (٢) ، ومعنى قول موسى : ( وَعَجِلْتُ إِلَيْكَ رَبِّ لِتَرْضَى ) (٣) ، ومعنى قوله عزوجل : ( فَفِرُّوا إِلَى اللَّهِ ) (٤) ، يعني حجّوا إلى بيت الله.
يا بُنيّ ، إنّ الكعبة بيت الله فمن حجّ بيت الله فقد قصد إلى الله ، والمساجد بيوت الله فمن سعى إليها فقد سعى إلى الله وقصد إليه ، والمصلّي مادام في صلاته فهو واقف (٥) بين يدي الله جلّ جلاله ، وأهل موقف عرفات هُم وقوف بين يدي الله عزوجل ، وإنّ لله تعالى بقاعاً في سماواته ، فمن عرج به إلى بقعة منها فقد عرج به إليه ، ألا تسمع الله عزوجل يقول : ( تَعْرُجُ الْمَلَائِكَةُ وَالرُّوحُ إِلَيْهِ ) (٦) ، ويقول في قصّة عيسى عليهالسلام : ( بَل رَّفَعَهُ اللَّهُ إِلَيْهِ ) (٧) ، ويقول عزوجل ( إِلَيْهِ يَصْعَدُ الْكَلِمُ الطَّيِّبُ وَالْعَمَلُ الصَّالِحُ يَرْفَعُهُ ) (٨) » (٩) .
__________________
(١) ورد في حاشية «ج ، ل» : الغرض من هذه الاستشهادات أنّ هذا المعنى شائع في الاستعمالات . (م ق ر رحمهالله ).
(٢) سورة الصافّات ٣٧ : ٩٩.
(٣) سورة طه ٢٠ : ٨٤.
(٤) سورة الذاريات ٥١ : ٥٠.
(٥) ورد في حاشية «ج ، ل» : الظاهر أنّه استشهاد بقول الرسول هذا الكلام ، أو بالمعارف بين الخواص والعوام. (م ق ر رحمهالله ).
(٦) سورة المعارج ٧٠ : ٤.
(٧) سورة النساء ٤ : ١٥٨.
(٨) سورة فاطر ٣٥ : ١٠.
(٩) ذكره المصنّف في الأمالي : ٥٤٣ / ٧٢٧ ، والتوحيد : ١٧٦ / ٨ ، ونقله المجلسي عن العلل في بحار الأنوار ١٨ : ٣٤٨ / ٦٠.