وأخرجه في كتاب الاعتصام باب ما يكره من التعمّق والتنازع : « ثم توفى الله نبيّه صلّى الله عليه وسلّم ، فقال أبو بكر : أنا ولي رسول صلّى الله عليه وسلّم ، فقبضها أبو بكر ، فعمل فيها بما عمل فيها رسول الله صلّى الله عليه وسلّم ـ وأنتما حينئذ ، وأقبل على علي وعباس فقال ـ : تزعمان أن أبا بكر فيها كذا. والله يعلم أنه فيها صادق بار راشد تابع للحق. ثم توفى الله أبا بكر فقلت : أنا ولي رسول الله صلّى الله عليه وسلّم وأبي بكر ، فقبضتها سنتين أعمل فيها بما عمل به رسول الله صلّى الله عليه وسلّم وأبو بكر » (١).
وإنّ كلّ سعي البخاري ينصبّ على ستر معايب الشيخين التي لا تخفى على كلّ ذي عينين ، لكنّ شرّاح صحيح البخاري لم يهتدوا إلى الغرض الذي دعا البخاري إلى ما صنع ، فباحوا بالحقيقة التي أراد البخاري كتمها ، مع نسبة هذه الصنيعة الشنيعة إلى الزهري ، قال ابن حجر العسقلاني في شرح الحديث في باب الخمس : « قوله : ثم توفى الله نبيه صلّى الله عليه وسلّم فقال أبو بكر : أنا ولي رسول الله صلّى الله عليه وسلّم ، فقبضها أبو بكر فعمل فيها بما عمل رسول الله صلّى الله عليه وسلّم. زاد في رواية عقيل : وأنتما حينئذ وأقبل على علي وعباس : تزعمان أنّ أبا بكر كذا وكذا. وفي رواية شعيب : كما تقولان ، وفي رواية مسلم من الزيادة : فجئتما تطلب ميراثك من ابن أخيك ، ويطلب هذا ميراث امرأته من أبيها ، فقال أبو بكر : قال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم : لا نورّث ما تركناه صدقة ، فرأيتماه كاذبا آثما غادرا خائنا.
وكأنّ الزهري كان يحدّث به تارة فيصرّح ، وتارة فيكني ، وكذلك مالك ».
وقال ابن حجر بشرح الحديث في باب ما يكره من التعمق والتنازع : « وقوله : تزعمان أن أبا بكر فيها كذا. هكذا هنا وقع بالإبهام ، وقد بيّنت في شرح الرواية الماضية في فرض الخمس أن تفسير ذلك وقع في رواية مسلم ، وخلت
__________________
(١) صحيح البخاري ٩ / ٧٥٤.