البخاري في مناقب أبي بكر. فهذه ثلاثة أوجه مختلفة. فأما رواية أبي عامر فيمكن ردّها إلى رواية سعيد بن منصور بأن يكون اقتصر فيها على أحد شيخي أبي النضر دون الآخر ، وقد رواه مالك عن أبي النضر عنهما جميعا ، حدّث به القعنبي في الموطأ عنه وتابعه جماعة عن مالك خارج الموطأ ، وأخرجه البخاري أيضا عن ابن أبي أويس عن مالك في الهجرة ، لكنه اقتصر فيه على عبيد بن حنين حسب. وأما رواية محمد بن سنان فوهم ، لأنه صيّر بسر بن سعيد شيخا لعبيد بن حنين ، وإنما هو رفيقه في رواية هذا الحديث. ويمكن أن يكون الواو سقطت قبل قوله عن بسر ، وقد صرّح بذلك البخاري فيما رواه أبو علي بن السكن الحافظ في زوائده في الصحيح قال : أنا الفربري قال قال البخاري : هكذا رواه محمد بن سنان عن فليح ، وإنما هو عن عبيد بن حنين وعن بسر بن سعيد. يعني بواو العطف فقد أفصح البخاري بأن شيخه سقطت عليه الواو من هذا السياق ، وأن من إسقاطها نشأ هذا الوهم. وإذا رجعنا إلى الإنصاف لم تكن هذه علة قادحة مع هذا الإيضاح. والله أعلم » (١).
وقال بشرح الحديث : « ( قوله عن عبيد بن حنين عن بسر بن سعيد ) هكذا في أكثر الروايات ، وسقط من رواية الأصيلي عن أبي زيد ذكر بسر بن سعيد فصار عن عبيد بن حنين عن أبي سعيد ، وهو صحيح في نفس الأمر لكن محمد بن سنان
__________________
(١) كيف لا تكون في هذا الخبر علة قادحة ، وقد اضطرب فيه فليح اضطرابا عظيما أدّى إلى روايته بثلاثة أوجه ، أوّلها وهم صريح والحمل فيه على ابن سنان كما اختاره البخاري ليس بصحيح ، فقد تابعه فيه المعافى بن سليمان الحراني ، فبرئ ابن سنان عن العهدة وصار الأمر إلى فليح وهو مطعون في نفسه. ومع ذلك فقد اضطرب في هذا الخبر اضطرابا لا مزيد عليه. وأما مالك فقد اضطرب أيضا في هذا الخبر وإن كان اضطرابه دون اضطراب فليح. وهو أيضا مطعون أما البخاري فلا يكاد يتخلص من ورطة إيراده هذا الخبر بسند قد اشتمل على وهم صريح ، والعذر عنه بأنه أفصح للفربري خلط شيخه محمد بن سنان لا يجدي شيئا ، لأن الحمل على شيخه غير مسلم ، بل الحمل على فليح المطعون كما عرفت ، ولو سلّم فسكوت البخاري في الصحيح على هذا الغلط كائنا عمّن كان مع عدم التنبيه عليه مع الشعور به قادح. والله العاصم.