يحتجّ بها ، لأنّ كون الثلاثة حيطان المدينة وأركانها معناه كونهم الحائل والمانع عن الدخول إلى المدينة ومن حال دون وصول الامة إلى مدينة العلم فليس بأهل للإمامة. لكن الأعور قد أعمي قلبه فلم يتفطّن إلى ما يؤول إليه معنى هذه الزيادة المزعومة.
وقد أشار إلى ما ذكرنا بعض علماء أهل السنة في شرح حديث أنا مدينة العلم وعلي بابها ، عند ذكر أسماء الإمام علي عليهالسلام ، فقال : « ومنها : باب مدينة عن علي رضياللهعنه قال قال رسول الله صلّى الله عليه وعلى آله وبارك وسلّم : أنا مدينة العلم وعلي بابها فمن أراد العلم فليأته من بابها. رواه الطبري من تخريج أبي عمر. وأورده الامام الفقيه المذكور وقال كما في الحديث.
واعلم أنّ الباب سبب لزوال الحائل والمانع عن الدخول إلى البيت ، فمن أراد الدخول وأتى البيوت من غير أبوابها شقّ وعسر عليه دخول البيت ، فهكذا من طلب العلم ولم يطلب ذلك من علي رضياللهعنه وبيانه ، فإنه لا يدرك المقصود ، فإنه رضياللهعنه كان صاحب علم وعقل وبيان ، وربّ من كان عالما ولا يقدر على البيان والإفصاح ، وكان علي رضياللهعنه مشهورا من بين الصحابة بذلك ، فباب العلم وروايته واستنباطه من علي رضياللهعنه ، وهو كان بإجماع الصحّابة مرجوعا إليه في علمه ، موثوقا بفتواه ، وحكمه ، والصحابة كلّهم يراجعونه مهما أشكل عليهم ولا يسبقونه ، ومن هذا المعنى قال عمر : لو لا علي لهلك عمر. رضي الله تعالى عنهم » (١).
ثم إن قول الأعور : « والباب فضاء فارغ ، والحيطان والأركان طرف محيط ، فرجحانهنّ على الباب ظاهر » كلام سفيه لا يعقل ما يقول ، لأن كون الباب فضاء فارغا ممنوع أولا. وثانيا : لو سلّمنا ذلك ، فإنّ كونه كذلك كمال له وليس نقصا ، لأن الوصول إلى المدينة موقوف على أنّ يكون للباب فضاء ، بخلاف الحيطان
__________________
(١) توضيح الدلائل بتصحيح الفضائل ـ مخطوط.