قائماً. وكذلك : أكثر شربي السويق ملتوتاً ، معناه : ما أكثر الشرب إلاّ ملتوتاً. وهذا المعنى لا يستقيم لذلك إلاّعلى تقدير البصريين.
وبيانه : إن المصدر المبتدأ اضيف ، وإذا أضيف عم بالنسبة إلى ما اضيف إليه ، كأسماء الأجناس التي لا واحد لها ، وجموع الأجناس التي لها واحد ، فإنها إذا اضيفت أيضاً عمّت. ألا ترى أنك إذا قلت « ماء البحار حكمه كذا » عم جميع مياه البحار. وكذلك إذا قلت : « علم زيد حكمه كذا » عمّ جميع علم زيد. فقد وقع المصدر أولاً عاماً غير مقيد بالحال ، إذ الحال من تمام الخبر ، ثم اخبر عنه بحصوله في حال القيام ، فوجب أن يكون هذا الخبر للعموم ، لما تقرر من عمومه ، لأنّ الخبر عن جميع المخبر عنه ، فلو قدّرت بعض ضرب زيد ليس في حال القيام لم تكن مخبراً عن جميعه ، وإذا تقرر ذلك كان معناه : ما ضربي زيداً إلا في حال القيام ...
وفساد المذهب الثالث من وجهين : اللفظ والمعنى. أما اللفظ فإنه لو كان المبتدأ قائماً مقام الفعل لاستقلّ بفاعله كما استقل اسم الفاعل في أقائم الزيدان. ولو قلت : ضربي أو ضربي زيداً لم يكن كلاماً. وأما من حيث المعنى فإن الإخبار يقع بالضرب عن زيد في حال القيام ، ولا يمنع هذا المعنى أن يكون ثمَّ ضرب في غير حال القيام. ألا ترى أنك إذا قلت : ضرب زيداً قائماً ، لم يمتنع من أن يكون زيد ضرب قاعداً ، وهو عين ما ذكرناه في بطلان مذهب أهل الكوفة » (١).
ومن هذا الكلام أيضاً يظهر بوضوحٍ تام ، دلالة اسم الجنس المضاف إلى العلم وغيره على العموم.
__________________
(١) شرح المفصّل في علم النحو ، في مواضع لزوم حذف الخبر.