خرج رسول الله صلّى الله عليه وسلّم إلى تبوك وخلّف علياً ، فقال له : يا رسول الله خرجت وخلّفتني؟ فقال : أما ترضى أن تكون مني بمنزلة هارون من موسى إلاّ أنه لا نبي بعدي (٣).
أخبرنا عفان بن مسلم ، عن حماد بن سلمة ، أنا علي بن زيد ، عن سعيد ابن المسيب قال قلت لسعد بن مالك : إني أريد أنْ أسألك عن حديث وأنا أهابك أن أسألك عنه ، قال : لا تفعل يا ابن أخي ، إذا علمت أن عندي علماً فسلني عنه ولا تهبني. فقلت : قول رسول الله صلّى الله عليه وسلّم لعلي حين خلّفه بالمدينة في غزوة تبوك قال : أتخلّفني في الخالفة في النساء والصبيان؟ فقال : أما ترضى أن تكون مني بمنزلة هارون من موسى؟ فأدبر علي مسرعاً كأني أنظر إلى غبار قدميه يسطع ، وقد قال حماد : فرجع علي مسرعاً (١).
أخبرنا روح بن عبادة ، ناعوف ، عن ميمون ، عن البراء بن عازب وزيد ابن أرقم قالا : لمّا كان عند غزوة جيش العسرة وهي تبوك قال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم لعلي بن أبي طالب : إنّه لابدّ من أن اقيم أو تقيم ، فخلّفه ، فلمّا فصل رسول الله صلّى الله عليه وسلّم غازياً قال ناس : ما خلّفه رسول الله إلاّلشيء كرهه منه. فبلغ ذلك علياً ، فأتبع رسول الله صلّى الله عليه وسلّم حتى انتهى إليه. فقال له : ما جاء بك يا علي؟ قال : لا يا رسول الله ، إلاّ أني سمعت ناساً يزعمون أنك إنما خلّفتني لشيء كرهته مني. فتضاحك رسول الله صلّى الله عليه وسلّم وقال : يا علي ، أما ترضى أنْ تكون منّي كهارون من موسى غير أنّك لست بنبي؟ قال : بلى يا رسول الله. قال : فإنه كذلك » (٢).
__________________
(١) الطبقات الكبرى ٣ / ١٧.
(٢) الطبقات الكبرى ٣ / ١٧.