الذي يحتمله ، ولهذا قلنا في قول علي ـ رضياللهعنه ـ : إنما أعطيناهم الذمّة وبذلوا الجزية ليكون أموالهم كأموالنا ودماؤهم كدمائنا : إنه مجريٌّ على العموم فيما يندرء بالشبهات كالحدود ، وما ثبت بالشبهات كالأموال ، فهذا الكاف أيضاً موجَبه العموم ، لأنه حصل في محل يحتمله ، فيكون نسبةً له إلى الزنا قطعاً ، بمنزلة الكلام الأول ، على ما هو موجب العام عندنا » (١).
أقول :
فالتشبيه يوجب العموم عند الأصوليين ، وفي حديث المنزلة تشبيه ، كما نصّ عليه شرّاحه من مشاهير المحققين المهرة ، كالقاضي عياض ، والنووي ، والمحب الطبري ، والطيّبي ، والكرماني ، والعسقلاني ، والأعور الواسطي ، والقسطلاني ، والعلقمي ، والمناوي ، وغيرهم ... وقد تقدمت عباراتهم ... بل ( الدهلوي ) نفسه أيضاً معترف بذلك حيث يقول : « وأيضاً ، لمّا شبّه حضرة الأمير بحضرة هارون ... » ...
فهذا وجه من وجوه دلالة الحديث على العموم ...
وفي ( طبقات الشافعية ) بترجمة أبي داود سليمان بن الأشعث ، يقول السبكي : « قال شيخنا الذهبي : تفَقّه أبو داود بأحمد بن حنبل ولازمه مدةً ، قال : وكان يشبَّه به كما كان أحمد يشبّه بشيخه وكيع ، وكان وكيع يشبَّه بشيخه سفيان ، وكان سفيان يشبّه بشيخه منصور ، وكان منصور يشبَّه بشيخه إبراهيم ، وكان إبراهيم يشبّه بشيخه علقمة ، وكان علقمة يشبّه بشيخه عبد الله بن مسعود ، رضياللهعنه.
قال شيخنا الذهبي : وروى أبو معاوية ، عن الأعمش ، عن إبراهيم ، عن
__________________
(١) كشف الأسرار في شرح اصول البزودي ٢ / ٣٨٩ ـ ٣٩١.