« إلاّ » هذه أنْ تكون للإستثناء ، من جهة المعنى ، إذ التقدير حينئذٍ : لو كان فيهما آلهة ليس فيهم ليست في المصدر الله لفسدتا ، وذلك يقتضي بمفهومه أنه لو كان فيهما آلهة ... جمع منكر في الإثبات ، فلا عموم له ، فلا يصحّ الإستثناء منه. ولو قلت : قام رجال إلاّزيداً. لم يصح إتّفاقاً.
وزعم المبرد : أن « إلاّ » في هذه الآية للإستثناء ، وأنّ ما بعدها بدل ، محتجّاً بأنّ « لو » تدل على الإمتناع ، وامتناع الشيء انتفاؤه. وزعم أنّ التفريغ بعدها جائز ، وأن نحو : لو كان معنا إلاّزيد ، أجود كلام.
ويردّه : أنهم لا يقولون : لو جاءني ديّار أكرمته. ولا : لو جاءني من أحد أكرمته. ولو كانت بمنزلة النافي لجاز ذلك ، كما يجوز : ما فيها ديار ، وما جاءني من أحد. ولمّا لم يجز ذلك دلّ على أنّ الصواب قول سيبويه أنّ إلاّوما بعدها صفة » (١).
ويقول عبد العزيز البخاري :
« قوله : لكنه فيما لم يسبق فيه الخلاف بمنزلة المشهور من الحديث ، وفيما سبق فيه الخلاف بمنزلة الصحيح من الآحاد.
أي : لكن إجماع من بعد الصحابة في حكم لم يسبق فيه الخلاف ، بمنزلة المشهور من الحديث ، حتى لا يكفّر جاحده لشبهة الإختلاف ، ولكنْ يجوز الزيادة التي هي في معنى النسخ به ، لأن الإختلاف الواقع فيه ممّا لا يعبأ به ، وإجماعهم فيما سبق فيه خلاف بمنزلة الصحيح من الآحاد ، حتى كان موجباً للعمل دون العلم ، بشرط أنْ لا يكون مخالفاً للُاصول ، فكان هذا الإجماع حجة على أدنى المراتب. كذا في التقويم. وينبغى أنْ يكون مقدماً على القياس ، كخبر الواحد » (٢).
__________________
(١) مغني اللبيب ١ / ٩٩.
(٢) التحقيق في شرح المنتخب في اصول المذهب للأخسيكشي ـ مبحث الإجماع.