وأكثرهم عداوة وايذاءا له شأنه شأن أبي لهب (١) وكان يسخر من النبي (ص) فكان يمر خلفه فيغمز به ، ويحكيه ، ويخلج بأنفه وفمه ، وإذا صلى قام خلفه فأشار بأصابعه (٢) وبصر به النبي (ص) ، فدعا عليه وقال : اللهم اجعل به وزغا (٣) فرجف مكانه ، وارتعش (٤) وبلغ من تأثر النبي (ص) منه أن أمر بنفيه من يثرب ، وقال : من غذيري من هذا الوزغ اللعين ، لا يساكنني ولا ولده ، ونزح إلى الطائف ، وبقي مع أفراد عائلته فيه قابعين في زوايا الذل والخمول ، قد نهشهم الجوع والفقر ، وبقي منفيا في الطائف فلما توفي رسول الله (ص) خف عثمان إلى أبي بكر فسأله ردهم فأبى وقال : ما كنت لآوي طرداء رسول الله (ص) ، ولما استخلف عمر كلمه عثمان في شأنهم فقال : مثل قول أبي بكر ، ولما آلت الخلافة إلى عثمان أرجعهم إلى يثرب (٥) ووهبهم الثراء العريض وجعلهم وزراءه وحاشيته.
وحينما ولي عثمان أمور المسلمين قرب مروان بن الحكم فجعله وزيره ومستشاره الخاص ، وكانت أمور الدولة كلها بيد مروان وكان عثمان بيده
__________________
(١) سيرة ابن هشام ٢ / ٢٥.
(٢) انساب الأشراف ٥ / ٢٧.
(٣) الوزغ : الارتعاش والرعدة.
(٤) الفائق ٢ / ٣٠٥ ، السيرة الحلبية ١ / ٣٣٧.
(٥) انساب الأشراف ٥ / ٦٧.