وتوعدهم بالقتل والاحراق إن لم يبايعوا ، وضرب لهم أجلا ، وأشار على ابن الحنفية بعض أتباعه أن يستنجد بالمختار الذي كان حاكما على الكوفة ، فكتب إليه يعلمه بحاله ، وما عزم عليه ابن الزبير في التنكيل بهم فاستجاب له المختار على الفور ، وأرسل مفرزة عسكرية بقيادة أبي عبد الله الجدلي ، وخف الجيش إلى مكة فدخلها ، وقد رفعوا الرايات ، وهم ينادون « يا لثارات الحسين » وانتهوا إلى المسجد الحرام ، وقد أعد ابن الزبير الحطب على باب السجن ، وأشعل فيه النار لاحراقهم ، وقد بقي يومان من الأجل الذي ضربه لهم فكسروا باب السجن ، وأخرجوا الهاشميين ، وطلبوا من ابن الحنفية أن يخلي بينهم وبين ابن الزبير ليناجزوه الحرب فأبى وقال لهم : إني لا استحل الحرم ، ومنعهم من الاعتداء عليه (١) وعامله معاملة المحسن الكريم :
وفي نجاة ابن الحنفية من سجن ابن الزبير يقول كثير بن عبد الرحمن :
فمن ير هذا
الشيخ بالحنيف من منى |
|
من الناس يعلم
أنه غير ظالم |
سمي النبي
المصطفى وابن عمه |
|
وفكاك أغلال
ونفاع غارم |
أبى فهو لا يشري
هدى بضلالة |
|
ولا يتقي في
الله لومة لائم |
ونحن بحمد الله
نتلو كتابه |
|
حلولا بهذا الخيف
خيف المحارم |
بحيث الحمام آمن
الردع ساكن |
|
وحيث العدو
كالصديق المسالم |
فما فرح الدنيا
بباق لأهلها |
|
ولا شدة البلوى
بضربة لازم |
تخبر من لاقيت
أنك عائذ |
|
بل العائذ
المظلوم في سجن عارم(٢) |
لقد كان ابن الزبير من ألد الأعداء لعترة النبي (ص) ولو استتبت له الأمور
__________________
(١) تأريخ ابن الأثير ٤ / ٣٧٤ ـ ٣٧٥.
(٢) الأغاني ٨ / ٣١.