الأصل المؤمن في بعض الأطراف ، لأن جريانه في البعض ضمن جريانه في كل الأطراف باطل لأننا فرغنا عن عدم جواز الترخيص في المخالفة القطعية ، وجريانه في البعض المعين دون البعض الآخر ترجيح بلا مرجح لأن نسبة دليل الأصل إلى كل من الطرفين على نحو واحد ، وجريانه في البعض المردد غير معقول إذ لا معنى للمردد.
وان شئت قلت : انه بعدم العلم بعدم جريان الأصل في كل الأطراف في وقت واحد يحصل التعارض بين إطلاق دليل الأصل لكل طرف وإطلاقه لسائر الأطراف ، ومقتضي التعارض التساقط في جميع الأطراف.
وقد حاول المحقق العراقي ( قده ) النقض على من يدعي كون المحذور إثباتيا وبملاك التساقط لا ثبوتيا بأحد نقضين :
الأول ـ ما جاء في تقريرات بحثه من النقض بموارد العلم التفصيليّ بالتكليف والشك في الامتثال ، لأن حكم العقل بالمنجزية العلم لو كان معلقا على عدم ترخيص شرعي بحيث أمكن الترخيص في مورد المخالفة الاحتمالية لتكليف معلوم فلما ذا لا يتمسك بإطلاق دليل البراءة في موارد الشك في الامتثال الّذي يكون بحسب الحقيقة من الشك في بقاء التكليف ، وأي فرق في الشك في التكليف بين كونه شكا في حدوثه أو بقائه؟
ولا يكفي في دفع هذا النقض دعوى حكومة استصحاب عدم الإتيان أو استصحاب بقاء الحكم على البراءة في موارد الشك في الامتثال دائما ، لوضوح ان المنع عن البراءة فيها عند المحققين انما هو لعدم المقتضي لا لوجود المانع ، ولهذا لا يقبل جريانها حتى القائل بعدم حجية الاستصحاب.
والصحيح في دفع هذا النقض ان يقال : اما بناء على ما هو المختار من ان التكليف لا تسقط فعليته بالامتثال والعصيان وانما تسقط فاعليته فالامر واضح حيث لا شك في فعلية تكليف وثبوته بقاء بل يقطع بها وانما الشك في بقاء فاعليته ، واما بناء على المشهور من سقوط فعلية التكليف بالامتثال أو العصيان فلانصراف أدلة الترخيص عن موارد الشك في الامتثال واختصاصها بموارد الشك في أصل الحكم. ولعل النكتة فيه ان ثبوت الحكم في الآن الأول معلوم وهو يستدعي الفراغ اليقيني عنه ولو فرض الشك في الحكم بلحاظ الآن الثاني فتطبيق البراءة الشرعية على الحصة البقائية