مبانيه في منجزية العلم أو الاحتمال وعلى كل حال فلا يحصل علم إجمالي بالتكليف بل إذا استقر عنده تنجز وجوب الوفاء بالدين علم تفصيلا بعدم وجوب الحج وإذا استقر عنده عدم تنجز وجوب الوفاء علم تفصيلا بوجوب الحج وفي كلا التقديرين يكون وجوب الوفاء بالدين محتملا (١).
الرابعة ـ لو افترضنا إمكان حصول العلم الإجمالي ، فما ذكره من انه لا يكون منجزا لأنه لا بد وان يكون العلم الإجمالي صالحا لتنجيز كل من الطرفين في عرض واحد لا يناسب مسلك العلية وتعلق العلم بالواقع لا الجامع وان تنجيزه لكل من الطرفين انما هو من باب احتمال انطباق الواقع المنجز عليه فانه على هذا المسلك يكون المنجز ابتداء هو الواقع لا الموافقة القطعية ليقال ان نسبتها إلى كل من الطرفين على حد سواء فلو كان الواقع هو وجوب الحج لتنجز بالعلم الإجمالي ومعه يستحيل ان يكون تنجز أحد الطرفين لاحتمال انطباق الواقع عليه رافعا لهذا الحكم المنجز ، لأن هذا بمثابة أخذ عدم منجزية الحكم في موضوعه وهو محال في نفسه فلا بد وان يكون عدم منجزية وجوب الوفاء بالدين المأخوذ في وجوب الحج من سائر النواحي لا من هذه الناحية.
وقد اتضح من مجموع ما تقدم حكم الطولية بين طرفي العلم الإجمالي من جريان الأصل الترخيصي عن الطرف الّذي أخذ عدمه في موضوع الآخر ويثبت بذلك وجوب الآخر واقعا ان كان مترتبا على عدم وجوب الأول ولو ظاهرا أو على عدم تنجزه ، وان كان مترتبا على عدم وجوب الآخر واقعا فإذا كان الأصل الترخيصي تنزيليا كالاستصحاب جرى أيضا وكان حاكما على الأصل الترخيصي في الطرف
__________________
(١) يمكن تصوير العلم الإجمالي إذا توفر امران :.
الأول ـ ان يعلم بأنه على تقدير ثبوت التنجيز يكون الحكم الواقعي ثابتا أيضا أي ان المنجز مصيب للواقع ولو باخبار معصوم بهذه القضية الشرطية.
الثاني ـ ان تكون كبرى المنجزية وحق الطاعة واقعية على حد الأحكام الواقعية الأخرى بحيث تكون ثابتة حتى في حق من لا علم له بها كمن يرى قبح العقاب بلا بيان والا لزم أخذ العلم في موضوع المعلوم وهو محال ـ وهذا هو مختار سيدنا الشهيد ( قده ) على ما تقدم في بحث قاعدة قبح العقاب بلا بيان ـ فانه حينئذ يعقل حصول العلم الإجمالي بوجوب الوفاء بالدين أو وجوب الحج لمن يشك في حق الطاعة أو قبح العقاب بلا بيان ـ كبرويا إذ سوف يعلم بوجوب الوفاء عليه أو وجوب الحج ، إذ لو كانت كبرى حق الطاعة للمولى في موارد الجهل بالوجوب ثابتة في نفس الأمر والواقع فوجوب الوفاء ثابت ـ بحكم الأمر الأول ـ وإن لم يكن حق الطاعة ثابتا كبرويا ولم يكن منجز آخر كان وجوب الحج ثابتا عليه وحيث ان حق الطاعة امر يعقل ثبوته واقعا حتى عند القطع بعدمه فيعقل لا محالة تشكل مثل هذا العلم الإجمالي لمن يشك في كبرى حق الطاعة في الشبهات البدوية.