إلى البراءة عن الزائد بناء على مسلك العلية الّذي هو مختار صاحب الكفاية ( قده ) فليس التفتيش عن منجز للأقل بعد فرض جريان البراءة عن الزائد بل بلحاظ ومن أجل تصحيحه.
هذا مضافا إلى انه لو فرض حمل كلام صاحب الكفاية على التفتيش عن منجز للأقل بعد فرض جريان البراءة عن الزائد مع ذلك لم يرد عليه ما أفاده الأستاذ على ضوء مباني صاحب الكفاية في كيفية الجمع بين الحكم الظاهري والواقعي ، لأنه يرى التنافي بين الترخيص الظاهري وفعلية الإلزام الواقعي فمع جريان البراءة عن الزائد لا يكون الأمر بالأكثر فعليا ومعه لا يعلم بفعلية الأمر بالأقل أيضا لأن الأوامر الضمنية ارتباطية في مرحلة الفعلية فينتفي العلم بفعلية وجوب الأقل في طول إجراء البراءة عن الأكثر فلا بد من التفتيش عن مثبت له تماما كما هو الحال في مسألة الشك في اختصاص الجزئية بحالة الذّكر فتدبر.
الأمر الخامس ـ أفاد المحقق الخراسانيّ ( قده ) في حاشيته على الكفاية ان الصحيح عدم جريان البراءة الشرعية كالعقلية ، لأن العلم الإجمالي غير المنحل بوجوب الأقل أو الأكثر إن فرض انه علم بالتكليف الإنشائي فلا تنجيز له أصلا ، وان فرض انه علم بالتكليف الفعلي ـ كما هو المفروض ـ فكما لا تجري البراءة عن احتمال وجوب الأكثر عقلا كذلك لا تجري البراءة الشرعية لأن المفروض احتمال وجود امر فعلي بالأكثر وعلى تقدير وجوده تكون البراءة الشرعية مناقضة مع الواقع ، واحتمال المناقضة كالقطع بها محال.
وهذا الكلام أكثر انسجاما مع مبانيه في الكفاية من ان التكليف الواقعي بالعلم الإجمالي يصبح فعليا من جميع الجهات ولهذا يكون العلم الإجمالي علة تامة لوجوب الموافقة القطعية وعدم إمكان الترخيص ولو في بعض أطرافه لاستحالة احتمال المناقضة كالقطع بها ، فان هذا المبنى للعلية يقتضي عدم جريان البراءة عن وجوب الزائد حتى إذا فرض تنجز أحد طرفي العلم الإجمالي وهو الأقل بأي منجز. نعم لو كان المبنى في العلة وعدم إمكان الترخيص في المخالفة الاحتمالية للمعلوم الإجمالي ما ذكره المحقق العراقي ( قده ) من المضادة مع حكم العقل بالتنجيز لا مع الحكم الواقعي الفعلي أمكن دعوى الانحلال في المقام بمجرد قيام منجز في أحد الطرفين ولو من باب ان المنجز لا يتنجز.