ورود الحديث مساق الامتنان عدم شموله لما إذا كان الاضطرار بسوء الاختيار إذ عدم رفع الحكم في حق من يلقي بنفسه في الاضطرار ليس على خلاف الامتنان.
وهذا الكلام بهذا البيان لا يخلو من غموض ، لوضوح ان رفع الحكم الإلزامي عمن ألقى نفسه في الاضطرار امتنان على كل حال كيف ورفع المؤاخذة حتى من العاصي امتنان عليه.
نعم لا بأس بدعوى ان الحديث ليس له إطلاق لموارد الاضطرار بسوء الاختيار ، لأن مثل هذا الإنسان لا يستحق الامتنان بحسب المرتكزات العرفية التي قد تكون بمثابة القرينة المتصلة بالخطاب.
ويمكن ان يقال : بان حديث الرفع لا إطلاق له في نفسه لموارد الاضطرار بسوء الاختيار ، لأن المراد بالاضطرار فيه الاضطرار إلى ما هو محظور شرعا في تمام عمر وزمان التكليف لا خصوص زمان الأداء والارتكاب وهذا غير صادق في موارد الاضطرار بسوء الاختيار. هذا مضافا إلى انه بحسب الحقيقة في موارد الاضطرار بسوء الاختيار تكون المؤاخذة على الإيقاع في الاضطرار كمن يسقط نفسه من شاهق مثلا إذ يسقط التكليف من حينه ويكون عصيانا للمولى وخروجا عن قانون العبودية (١) والحديث يرفع المؤاخذة على ما ينطبق على عنوان الاضطرار لا ما لا ينطبق عليه وهو الإلقاء في الاضطرار.
وان شئت قلت : ان الحديث انما يجري في مورد يترقب فيه ان تكون المؤاخذة على الفعل المضطر إليه لو لا الرفع وهو انما يكون في الاضطرار لا بسوء الاختيار واما فيه فالعقاب على نفس الإيقاع في الاضطرار إلى المخالفة.
الجهة الخامسة ـ أفاد الميرزا ( قده ) انه شذ عنوانان ـ وهما الخطأ والنسيان ـ عن العناوين الأخرى في السياق فلم يقل ما نسي أو أخطأ فيه مما قد يشعر بان المقصود رفع آثار نفس الخطأ والنسيان. وقد أفاد ( قده ) بان الصحيح ان المراد بهما المنسي وما
__________________
(١) سقوط التكليف من حين الإقدام انما يكون بملاك عدم محركيته لو كان باقيا لا من باب ان نفس الإقدام مبغوض للمولى نفسيا ، فالمؤاخذة على الفعل الصادر منه دائما فلو فرض التسليم بصدق الاضطرار عليه كان مرفوعا لا محالة ، نعم لا بأس بدعوى ان مفهوم الاضطرار مطعم أيضا بعدم اختيارية أصل صدور الفعل من المكلف بحيث يكون ملجأ عليه وهذا لا يصدق مع سوء الاختيار وهذا رجوع إلى المناقشة السابقة.