يقتضي حرمة ضدّه » وكذلك قاعدة « الحسن والقبح العقليّين » ، فهذه كلّها مدركات عقلية يمكن لها « لو تمّت » أن تساهم في استنباط حكم شرعي.
وتفصيل الكلام يأتي في بحث الدليل العقلي إلاّ أننا سوف نبيّن ـ وبشكل إجمالي ـ كيفيّة مساهمة مثل هذه القضايا العقلية في إثبات حكم شرعي ، فنقول :
لو أخذنا مثلا القاعدة العقلية وهي : « أنّ وجوب الشيء يقتضي وجوب مقدّمته » ، فعندنا في المقام حكمان شرعيّان أحدهما معلوم والآخر مجهول.
أمّا الحكم المعلوم فهو وجوب شيء مثل الحج ، وأمّا الحكم المجهول فهو جوب مقدّمة الحج مثل السفر إذ أنّ المقدمة بحسب الفرض لم يقم دليل شرعي على وجوبها وإنما الذي قام عليه الدليل الشرعي هو وجوب ذي المقدّمة وهو الحج في المثال. وهنا يأتي دور القاعدة العقلية « إن وجوب شيء يقتضي وجوب مقدّمته » لغرض إثبات الحكم الشرعي وهو وجوب المقدّمة ، وذلك عن طريق إدراك العقل للملازمة بين وجوب الشيء ووجوب مقدمة ذلك الشيء ، فالمدرك العقلي صار سببا وواسطة في إثبات وجوب المقدّمة ، وهذا هو معنى مساهمة العقل في إثبات حكم شرعي. وقلنا إنه يساهم في إثبات الحكم الشرعي لأنه ليس هو وحده الذي أثبت الوجوب بل مع شيء آخر ، وهذا ما سيأتي توضيحه في محلّه.
والمتحصّل من كل ما ذكرناه : أنّ الدليل العقلي هو المدرك العقلي الذي يقع واسطة في طريق إثبات حكم شرعي.