المطلب الثاني
مقدار ما يثبت بالأدلّة المحرزة
ومن أجل أن يتّضح هذا المطلب لا بدّ من بيان مقدّمة.
كلّ دليل سواء كان قطعيّا أو غير قطعي ، وسواء كان محرزا أو أصلا عمليّا يمكن أن يكون له مدلول التزامي إضافة إلى مدلوله المطابقي ، ولكي تتّضح هذه الدعوى نذكر مثالا يناسب الدليل المحرز بكلا قسميه : القطعي ، وغير القطعي ، ومثالا يناسب الأدلّة العملية المعبّر عنها بالأصول العمليّة.
أما ما يناسب الدليل المحرز ، فمثاله : لو أخبر مخبر عن غرق زيد فإن هذا الخبر له مدلولان :
الأوّل : هو أن زيدا قد غرق في الماء ، وهذا ما يسمّى بالمدلول المطابقي.
الثاني : أن زيدا قد مات ، وهذا هو المدلول الالتزامي للخبر ، إذ أن الخبر وبحسب المدلول اللغوي لألفاظه لا يدل على أكثر من غرق زيد في الماء ، نعم ثبوت غرق زيد ـ وبواسطة مقدمة خارجية وهي أن الغرق موجب للموت ـ قد دلّ على موت زيد.
إذن ثبوت موت زيد نشأ عن مقدمتين الأولى إخبار المخبر بغرقه