إن الأصوليّين اختلفوا فيما هو موضوع علم الأصول ، فذكر القدماء أن موضوعه هو الأدلّة الأربعة « الكتاب الكريم ، السنة الشريفة ، الإجماع والعقل » ويقصدون من ذلك أن مدار المسائل الأصولية هو الأدلّة الأربعة ، فكل مسألة يكون موضوعها أحد الأدلّة الأربعة فهي مسألة أصولية ، مثلا حجيّة النص القرآني مسألة أصولية لأن موضوعها الكتاب الذي هو أحد الأدلّة الأربعة إذ أن النص القرآني الذي هو عبارة ثانية عن الكتاب هو الموضوع والحجية والدليليّة هو المحمول والحكم ، وهكذا حجية قول وفعل وتقرير المعصوم مسألة أصولية ؛ لأن موضوعها عبارة ثانية عن السنة الشريفة ومحمولها الحجيّة.
الإشكال على مبنى القدماء
وأورد المصنّف على هذا المبنى أنه يلزم منه خروج كثير من المسائل الأصولية التي يقطع بأصوليّتها. فإذن هذا الموضوع لا ينطبق عليه ضابطة موضوع العلم ، إذ أنه لا يجمع تحت عنوانه ـ وهو الأدلّة الأربعة ـ جميع موضوعات مسائل هذا العلم ، فمثلا موضوع الاستلزامات ـ التي هي عبارة عن ملازمة حكم لحكم آخر ـ « هو الحكم » والحكم ليس داخلا تحت عنوان الأدلّة الأربعة ، فمثلا الحكم بوجوب شيء يقتضي النهي عن ضدّه ، والحكم بحرمة شيء يقتضي الفساد ، والحكم بوجوب شيء يقتضي وجوب مقدّمته. كل هذه مسائل أصولية موضوعها الحكم ، والحكم لا يدخل تحت عنوان الأدلّة الأربعة.
وكذلك البحث عن حجيّة الأمارات الظنيّة فإنها كثيرا ما لا تؤول موضوعاتها إلى عنوان الأدلّة الأربعة ، فمثلا حجيّة الشهرة موضوعها