الأولى : تصور معنى « زيد » ، وتصور معنى « فقير » وتصور النسبة بين « زيد و « فقير ».
الدلالة الثانية : هي أن المتكلم استعمل هذه الألفاظ لغرض إخطار هذه المعاني في ذهن السامع.
والدلالة الثالثة : هي أن المتكلم قاصد الحكاية عن واقع خارجي هو « فقر زيد » ، وهذه هي الدلالة التصديقية الثانية.
وقد يكون المتكلّم قاصدا الحكاية عن واقع نفسه كما في الجمل الإنشائيّة ، كأن يقول المتكلّم الملتفت الجاد « أكرموا العلماء » فإنّ هذه الجملة متوفّرة على الدلالتين الأولى والثانية ، بالإضافة إلى دلالة ثالثة وهي قصد المتكلم الحكاية عن واقع نفسه ، وهو أن له إرادة في إكرام العلماء.
وهذه الدلالة تفترق عن الدلالتين ـ بالإضافة إلى ما ذكرناه ـ بأنها لا تتعقل إلا في الجمل التركيبية التامة إذ أن قصد الحكاية عن الواقع الخارجي أو واقع النفس لا يكون إلا بجملة مشتملة على موضوع وحكم ويكون الحكم فيها منتسبا إلى الموضوع.
وهذا بخلاف الدلالة التصورية وكذلك الدلالة التصديقية الأولى فإنهما يمكن تعقلهما في الجمل التركيبية التامة وكذلك يمكن تعقلهما في المفردات اللفظية غير الواقعة في إطار جمل تركيبية تامة ، فلفظ الماء إذا صدر عن غير ملتفت فالدلالة تصورية ، وإذا صدر من ملتفت فالدلالة تصديقية أولى ، وكذلك لو قال « زيد فقير » فإذا صدرت هذه الجملة من متكلّم نائم أو غافل فهي تصورية وإن صدرت من ملتفت قاصد لإخطار هذه الجملة في ذهن السامع إلا أنه غير جاد وغير قاصد الحكاية والإخبار عن الواقع