بذلك اللفظ موضوعا بوضعين كل وضع على حدة ، وهذا ما يحوّل المجاز إلى مشترك لفظي وهو خلف الفرض إذ أن الدعوى هي الاحتفاظ بمجازية المعنى المجازي بعد الوضع الجديد.
ولذلك قال بعضهم ـ في مقام تصوير وضع جديد يحتفظ بهذه الحيثية المذكورة ـ إن الواضع يضع اللفظ بإزاء المعنى المجازي ، ولكن بشرط اشتماله على القرينة ، وبهذا يحتفظ المعنى المجازي بمجازيّته وطوليّته للوضع الأول.
ومع ذلك لم يقبل المصنّف رحمهالله بدعوى احتياج الاستعمال المجازي إلى وضع جديد وأن دلالة اللفظ على المعنى المجازي الناشئة عن العلاقة بين المعنى الحقيقي والمعنى المجازي كافية لتصحيح الاستعمال في المعنى المجازي ؛ وذلك لأنّه ما المراد من صحّة الاستعمال التي تمسك بها القائلون بلزوم الوضع الجديد في المعنى المجازي؟
نقول : إنّ مرادهم من صحّة الاستعمال لا يخلو عن أحد معنيين :
المعنى الأوّل : أنّ صحة الاستعمال حسنه ، فقولهم لا يصح الاستعمال بغير وضع أي لا يحسن الاستعمال بغير وضع.
المعنى الثاني : أن المراد من صحة الاستعمال أنه لا يكون هذا الاستعمال منسوبا إلى لغة إلا إذا كان واضع هذه اللغة قد وضع هذا اللفظ دالا على هذا المعنى وبه تصحّ نسبة استعمال هذا اللفظ في هذا المعنى إلى هذه اللغة. وكلا هذين المعنيين لا يقتضيان لزوم وضع جديد.
أما المعنى الأوّل : ـ وهو أن المراد من صحة الاستعمال حسنه وأنّه لا يحسن الاستعمال بغير وضع ـ فلا نسلم أنّ حسن الاستعمال متوقّف على خصوص الوضع ، إذ أن الغرض من الوضع هو إيجاد الدلالة على المعنى من