وبهذا يتّضح أن التبادر ناشئ عن نفس الوضع ـ وهي العلاقة الوثيقة بين اللفظ والمعنى في الذهن ـ فهو إذن ينشأ عن واقع العلاقة وإن لم يعلم أنها وضع كما هو الحال في الأطفال ، وكذلك الغافل عن الأوضاع اللغويّة.
والمتحصّل من الكلام : أن التبادر ينشأ عن واقع الوضع ـ وهي تلك العلاقة الوثيقة بين اللفظ والمعنى في الذهن ـ والذي يكون التبادر علّة في إيجاده هو العلم بالوضع إذ أنه قبل التبادر يكون غافلا عن كون هذا اللفظ موضوعا لهذا المعنى وإن كان يستفيد من اللفظ الدلالة على المعنى ولكنه غير متوجّه إلى أنّ هذه الاستفادة ناشئة عن الوضع والعلاقة الذهنيّة الوثيقة.
الثاني : صحّة الحمل :
والمراد من صحّة الحمل هو : أن المعنى الذي نبحث عن أنه حقيقة في هذا اللفظ أو مجاز إذا صحّ أن نجعله محمولا على اللفظ ويكون اللفظ موضوعا له فهذا يدلّ على أن اللفظ حقيقة في هذا المعنى الذي صح حمله على اللفظ ، مثلا لو كنّا نبحث عن أن لفظ الأسد هل هو حقيقة في الحيوان المفترس أو لا؟ ومن أجل معرفة الجواب لهذا السؤال نشكل قضية نجعل فيها اللفظ موضوعا والمعنى محمولا ، فإذا صحّ الحمل فهذا دليل على أن هذا اللفظ حقيقة في هذا المعنى وإلا فلا.
هكذا « الأسد حيوان مفترس ».
ثم بعد أن شكّلنا هذه القضية نرجع إلى وجداننا لنرى أن هذه القضية متناسبة أو لا؟ فإن كانت متناسبة فهذا يعني أن اللفظ الموضوع في القضية حقيقة في المعنى الذي صحّ حمله عليه وإلا فلا.