المعبّر عنه بالمدلول التصديقي الثاني.
الجهة الثالثة : والكلام فيها حول المدلول التصديقي الثاني المعبّر عنه بالمدلول الجدّي.
وقد قلنا إنّه عبارة عن المدلول التصوّري الصادر من العاقل المريد الجادّ في الحكاية عن الواقع الخارجي أو واقع نفسه ، والمناسب للحكاية عن الواقع الخارجي هو الجمل الخبريّة كما أنّ المناسب للحكاية عن واقع النفس هو الجمل الإنشائيّة.
وقد لا حظتم أنّ المدلول التصديقي الثاني يحتفظ بحيثيّة المدلول التصوّري والاستعمالي ، ويضيف عليهما حيثيّة ثالثة وهي أنّه مستفاد من متكلّم جاد في الحكاية عن الواقع.
كما أنّ هناك حيثيّة مترتّبة على هذه الحيثيّة الثالثة وهي أنّ المدلول التصديقي لا يتعقّل في غير الجمل التامّة ؛ وذلك لأنّ قصد الحكاية عن الواقع لا يتم بغير الجمل التامّة.
ومع اتّضاح هذا نقول : إنّ طبيعة المدلول التصديقي الثاني تختلف باختلاف نوعيّة الجملة فإذا كانت الجملة خبريّة فإنّ طبيعة مدلولها هي الحكاية عن ثبوت النسبة ـ بين المخبر به والمخبر عنه ـ في الواقع الخارجي أو الحكاية عن عدم ثبوت النسبة ، ومثال الأول : زيد عالم ، ومثال الثاني : زيد ليس بعالم.
أمّا إذا كانت الجملة إنشائيّة من نوع التمنّي مثلا فطبيعة مدلولها طلب المستحيل أو ما يقاربه كقول الله تعالى على لسان فرعون : ( لَعَلِّي أَبْلُغُ