يبادر نحو إيجاد متعلّق إرادته عن طريق وسيلتين :
الوسيلة الأولى : أن يبادر هو بنفسه لتحصيل مراده ومطلوبه ، وذلك كتحرّك العطشان نحو تحصيل الماء ، وهذا النوع من التحرّك نحو المراد والمطلوب يعبّر عنه بالطلب التكويني ، ومادّة الأمر لم توضع لإفادة هذا المعنى من الطلب ، وهذا النوع من الطلب هو المراد من قوله تعالى : ( وَإِنْ يَسْلُبْهُمُ الذُّبابُ شَيْئاً لا يَسْتَنْقِذُوهُ مِنْهُ ضَعُفَ الطَّالِبُ وَالْمَطْلُوبُ ) (١) ، وقوله تعالى : ( أَوْ يُصْبِحَ ماؤُها غَوْراً فَلَنْ تَسْتَطِيعَ لَهُ طَلَباً ) (٢).
الوسيلة الثانية : أن يطلب من غيره تحقيق مراده ومطلوبه ، وهذا ما يعبّر عنه بالطلب التشريعي ، وهو يصدق في تمام الموارد التي يطلب فيها المريد من غيره تحصيل إرادته بقطع النظر عن كون الطالب عاليا أو مستعليا أو ملتمسا أو راجيا أو ما إلى ذلك فإنّ كل هذا يصدق عليه طلب تشريعي.
وبهذا البيان اتّضح المراد من الطلب التشريعي المأخوذ في تعريف مادّة الأمر واتّضح أنّ مادّة الأمر مشمولة للطلب التشريعي ولكنّها غير مختصّة به ، بل إنّ الطلب التشريعي يصدق عليها وعلى غيرها ، ولذلك قلنا في التعريف إنّ الأمر لا يتحقّق إلاّ بالطلب التشريعي الصادر من العالي.
الجهة الثانية :
فيما وضعت له مادّة الأمر من معان أخرى : فقد ذكر اللغويّون أنّ
__________________
(١) سورة المؤمنون : آية ٧٣
(٢) سورة الكهف : آية ٤١