مثلا قوله تعالى : ( وَأْمُرْ أَهْلَكَ بِالصَّلاةِ ) (١) ، فإنّ الخطاب هنا موجّه للمكلّف الأوّل بأن يأمر أهله ( المكلّف الثاني ) بالصلاة ، فلو كنّا نبني على الاحتمال الأوّل ، فهذا معناه تنجّز الصلاة على الأهل مطلقا سواء امتثل المكلّف الأول ـ وأمر أهله بالصلاة ـ أو لم يمتثل ، فإنّ الأهل مسؤولون عن الصلاة لو اطّلعوا على أن المولى قد أمر المكلّف الأوّل بأن يأمرهم بالصلاة.
ومنشأ الاحتمال الثاني : هو استظهار اختصاص تعلّق غرض المولى بامتثال المكلّف الأوّل للأمر الأوّل دون أن يكون له أيّ غرض بمتعلّق الأمر الثاني ، بمعنى أن يكون مصبّ الغرض المولوي هو امتثال المكلّف الأوّل للأمر الأوّل.
وهذا ما يتّفق كثيرا عند الموالي العرفيّين كأن يأمر المولى ابنه بأن يأمر العبيد بأمر معيّن ولا يكون للمولى غرض سوى تعليم ابنه طريقة الأمر والنهي.
ولو كان هذا الاستظهار هو المتعيّن فإنّ المكلّف الثاني لا يكون مسؤولا عن متعلّق الأمر الثاني سواء امتثل المكلّف الأول الأمر بالأمر أو لم يمتثل.
ومنشأ الاحتمال الثالث : هو استظهار تعلّق غرض المولى بمتعلّق الأمر الثاني ، إلاّ أنّ تعلّق غرضه بذلك منوط بامتثال المكلّف الأول للأمر بالأمر ، فيكون لامتثال المكلّف الأول موضوعيّة بمعنى أنّ التكليف المتوجّه للمكلّف الثاني رتّب على موضوع مقدّر الوجود وهو امتثال المكلّف الأوّل
__________________
(١) سورة طه : آية ١٣٢