حال المتكلّم ـ بواسطة قرينة الحكمة ـ أنّه لا يريد القيود فهذا يعني أن الحكم المجعول على الطبيعة مجعول على تمام أفرادها.
ومن هنا يتّضح أن المنشأ لاستيعاب الحكم لكل أفراد مدخول الأداة إنما هو قرينة الحكمة.
الاتّجاه الثاني : هو أنّ المنشأ لاستظهار شمول الحكم لكلّ أفراد مدخول ألفاظ العموم هو ما وضعت له ألفاظ العموم ، إذ أنّ ألفاظ العموم وضعت لاستيعاب كل فرد تصدق عليه الطبيعة الواقعة مدخولا لأداة العموم ، ومن هنا لا نحتاج إلى قرينة الحكمة لإفادة الشمول والاستيعاب لكل أفراد الطبيعة المدخولة للأداة ؛ وذلك لأنّ نفس أداة العموم تتكفّل بتحقيق ذلك بعد أن كانت موضوعة لاستيعاب كل أفراد الطبيعة ، نعم لو كانت موضوعة لاستيعاب ما يريده المتكلّم من أفراد الطبيعة لكان ذلك يستدعي تنقيح ما هو المراد من أفراد الطبيعة التي يريد المتكلّم جعل الحكم عليها وهذا ما تتكفّل به قرينة الحكمة.
إذن المنشأ للاتجاهين هو تحديد ما وضعت له ألفاظ العموم فإن كانت قد وضعت لاستيعاب ما هو المراد من الطبيعة المدخولة للأداة فهذا يستوجب تبني الاتجاه الأول إذ أنّ تحديد المراد من حيث عدم إرادة القيد لا يتم إلاّ عن طريق قرينة الحكمة.
وأمّا إذا كانت ألفاظ العموم قد وضعت لاستيعاب كل ما تصدق عليه الطبيعة من أفراد ، فهذا يستوجب تبنّي الاتجاه الثاني إذ أنّ الأداة تتكفّل بالدلالة على الاستيعاب والشمول ويكون تحديد أنّ هذا مما تصدق عليه الطبيعة أو لا تصدق من شؤون المكلّف إذ أنّ القضايا لا تتكفّل بتنقيح