طبيعي وجوب الصوم منتف عن الموضوع وهو المكلّف بعد بلوغ الغاية في بعض حالات الموضوع ، ولتكن تلك الحالة التي ينتفي فيها طبيعي الوجوب هي حالة عدم وجود ملاك خاص لوجوب الصوم بعد الغاية ، ومن الواضح أنّه لا يكون ذكر الغاية حينئذ عملا عبثيا ولغويّا بل يكون الغرض منه الاحتراز عن مثل هذه الحالة.
وكذلك الكلام في المثال الثاني فإنّ مبرّر الاستثناء هو أنّ طبيعي الوجوب للصلاة منتف عن بعض حالات المستثنى ولتكن تلك الحالة هي عدم وجود ملاك خاص يوجب الصلاة على الصبيان ، وهذا لا يقتضي أكثر من انتفاء الطبيعي عن تلك الحالة ولا يمنع من ثبوت مثل الوجوب للصلاة على الصبيان في حالات خاصّة مثل التمرين.
قوله رحمهالله : « لحكم مغيّى » أي رجوع الغاية إلى الحكم ، فالغاية هي الأمد أو المكان المحدّد ، والمغيّى هو المحدود بذلك الزمن أو المكان ، فحينما يقال : ( نام زيد إلى الليل ) فالليل هو الغاية والنوم هو المغيّى ، أي أنّ لنوم زيد حدّا هو الليل والنوم محدود بالليل ، وظاهر عبارة المصنّف رحمهالله أنّ المغيّى والمحدود بالغاية هو الحكم إلاّ أنّه جاء بمثال يتناسب مع كون المغيّى هو متعلّق الحكم حيث مثل بقوله : ( صم إلى الليل ) فالليل غاية وحد للصوم لا لوجوب الصوم إلاّ أن يقال أنّ الغاية راجعة إلى الحكم المستفاد من هيئة فعل الأمر ( صم ) فتكون الغاية راجعة إلى الحكم المستفاد من المعنى الحرفي ، وهذا مبني على إمكان تقييد المعاني الحرفيّة.
وبيان ذلك : أنّ الغاية قد ترجع إلى الموضوع وقد ترجع إلى المتعلّق وقد ترجع إلى الحكم.