لافتراض تفوّقه عليهم في الإدراك ، وبهذا لا يكون الشارع راضيا عن تلك السيرة ، نعم في السيرة التي يكون منشؤها المدركات الأوليّة التي لا يشوبها أيّ غموض وهي القضايا التي تكون قياساتها معها ، هذا النوع من السيرة يمكن التمسّك بها لإثبات حكم شرعي.
وبهذا يتّضح أنّ السيرة التي يكون لها كاشفيّة عن الحكم الشرعي هي السيرة العقلائيّة المعاصرة لزمن المعصوم عليهالسلام ، إذ هي التي يكون السكوت عنها كاشفا عن الإمضاء ، وهي التي يجري فيها كلا الدليلين العقلي بتقريبيه ، والاستظهاري.
والمراد من السيرة المعاصرة هي السيرة التي تكون بمرأى من المعصوم عليهالسلام في زمن حضوره ، أمّا السيرة العقلائية الواقعة في زمن الغيبة فلا يكشف سكوت الإمام الغائب عليهالسلام عنها عن إمضائها ، لعدم جريان كلا الدليلين في موردها ، إذ أنّ الإمام عليهالسلام في ظرف منافاة السيرة للشارع ليس مكلّفا بالردع عنها بحكم غيبته.
وبهذا يسقط التقريب الأول من الدليل العقلي ، إذ أنّه يفترض المعصوم مكلّفا بالنهي عن المنكر وبوجوب تعليم الجاهل ، وكذلك التقريب الثاني ساقط إذ أنّ نقض الغرض إنّما يتحقّق في حالة يكون هناك وسيلة طبيعيّة يتمكّن فيها العاقل من المحافظة على غرضه ، أمّا إذا تعذّرت الوسائل الطبيعيّة فلا يكون السكوت نقضا للغرض ، إذ أنّه لا يكشف عن الإمضاء ، وليس الغرض بمرتبة من الأهميّة تستوجب استعمال الوسائل الإعجازيّة للمحافظة عليه.
على أنّ نفس تسبيب الناس لغيبة الإمام عليهالسلام وحرمانهم من بركات