الإجماع يتشكل عن تطابق آراء الفقهاء بسبب التأمّل والنظر في المدارك المتّصلة بالحكم المبحوث عنه.
أمّا السيرة المتشرعيّة فهي سلوك عملي لا مبرّر له غالبا إلاّ التلقي عن الشارع المقدس ، وعادة ما يكون مدرك الإجماع ـ خصوصا إذا لم يكن مدركيّا أو محتمل المدركيّة هو السيرة المتشرّعيّة إذ أنّ الإجماع في غالب الأحيان يكشف بنحو الإن عن وجود تبان عملي مستوحى من الشارع ، وهذا التباني العملي المتشرّعي يكشف ـ وبحساب الاحتمالات ـ عن رواية معتبرة لم تصل إلينا وإنّما وصل إلينا أثرها بواسطة ما نجده من ارتكاز متغلغل في أذهان المتشرّعة ، عبّر عن ذلك الارتكاز سلوكهم العملي.
المبرّر لكون السيرة المتشرعيّة من وسائل الإثبات الوجداني :
والذي يبرّر كون السيرة من وسائل الإثبات الوجداني هو تضاؤل الاحتمال لعدم الإصابة للواقع بواسطة ضرب القيم الاحتماليّة في بعضها الناشئة عن ترسّخ صوابية الموقف العملي في ذهن كلّ واحد من الجمع الكبير من المتشرّعة ، وهذا ما يكشف عن وجود دليل شرعي مستوحى عن الشارع فيكون احتمال الغفلة عن التعرّف على الدليل الشرعي من المعصوم أو احتمال عدم فهم الصادر عن الشارع موهوما جدا ، إذ احتمال عدم استعلام الجميع لا يعتدّ به عند العقلاء لندرة اتفاق مثل هذه الحالة حيث إنّ من محتمل وجود عدد كبير من المتشرّعة ممن هو حريص على الاستعلام وفيهم من هو جيّد الفهم.